فصل: الباب العاشر: في حكم مال الخراج ومصارفه والتصرف فيه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستخراج لأحكام الخراج



وروى يحيى بن آدم عن قيس بن الربيع عن إبراهيم بن مهاجر عن موسى بن طلحة قال أقطع عثمان خمسة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص وعبدالله بن مسعود وخباب وأسامة بن زيد قال وأراه قال والزبير فأما أسامة فباع أرضه وخرجه أبو عبيد عن قبيصة عن سفيان عن إبراهيم بن مهاجر به مختصرا وخرجه أيضا عن أبي نعيم عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن أبيه عن موسى بن طلحة عن عثمان رضي الله عنه مثله قال أبو عبيد سألت قبيصة هل ذكر فيه السواد قال لا وروى هذا الأثر محمد بن فضيل عن الأعمش عن إبراهيم بن مهاجر عن موسى بن طلحة قال أقطع عثمان رضي الله عنه أسبيتا وأقطع لخباب رضي الله عنه صعما واقطع لسعد رضي الله عنه قرية هرمز خرجه الخلال في العلل وذكر عن أحمد أنه قال قالوا أليس هو كما ابن فضيل في سبيتا إنما هو كذا وكذا يعني أنه أخطأ في تسمية هذه القرية وهذا تصريح بأنه من أرض السواد ويدل عليه أيضا قول ابن مسعود رضي الله عنه وبرذان ما برذان يعني أن تلك كان برذان.
وروى الحسن بن زياد في كتاب الخراج عن الربيع عن أشعث ابن سوار عن موسى بن طلحة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه منح سعدا وابن مسعود رضي الله عنهما أرضا من أرضهما وهذا غلط وإنما منح عثمان رضي الله عنه وذكر الخلال من طريق حنبل قال قيل لأبي عبدالله فما أقطع عمر في السواد يصح لمن كان في يده منها شيء قال قد أقطع عمر رضي الله عنه بجيلة ثم رجع ورأى أن ليسوا بأحق به من المسلمين وإقطاع عمر رضي الله عنه ما أقطع من غير السواد ليس في قلبي منه شيء وهذا يدل على التوقف في إقطاع السواد وأما قوله أقطع عمر رضي الله عنه بجيلة ثم رجع ورأى أن ليسوا أحق به من المسلمين فهذا يخالف ما نقله عنه الأثرم في قطائع السواد أن عمر رضي الله عنه لم يقطع وأن عثمان رضي الله عنه أقطع والأثرم أحفظ من حنبل بما لا يوصف وقد سبق أن عمر رضي الله عنه إنما أعطى بجيلة من السواد قسمة لهم من غنيمتها ثم رأى أن تركها فيئا للمسلمين أصلح فلذلك استرجعها منهم.
وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه أقطع من السواد من وجه آخر رواه يحيى بن آدم عن قيس بن الربيع عن إبراهيم بن مهاجر عن شيخ من بني زهرة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى سعد يقطع سعيد بن زيد رضي الله عنهم أرضا فأقطعه أرضا لنبي الرفيل فأتى ابن الرفيل عمر رضي الله عنه فقال يا أمير المؤمنين على ما صالحتمونا قال على أن تؤدوا إلينا الجزية ولكم أرضكم وأموالكم وأولادكم قال يا أمير المؤمنين أقطعت أرضي لسعيد بن زيد قال فكتب إلى سعد يرد عليه أرضه وهذا فيه جهالة وقد يتعلق به من يرى أن عمر رضي الله عنه رد عليهم أرضهم ملكا.
وذكر المروزي في كتاب الورع قال سمعت أبا عبدالله يقول كان محمد أفضل من أبيه عبدالله بن إدريس قال وسمعت عبدالوهاب يعني الوراق يقول كان ابن إدريس يجري على ابنه محمد وعلى زوجته عشرة في كل شهر من قطيعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابن إدريس هو عبدالله بن إدريس الكوفي العالم المشهور بالعلم والدين وكان شديدا في أمر السواد ويقول في كل من معه شيء منه أن يرده على أهل القادسية ومع هذا فقد أخذ من هذه القطيعة التي لعمر رضي الله عنه وكان ابنه محمد شابا متعبدا وكان أحمد وغيره يفضلونه على أبيه في الورع والزهد والعباد رضي الله عنهما.
هذا كله في إقطاع رقبة أرض العنوة فأما إقطاع الإمام منافعها وخراجها فيجوز وقد حمل القاضي رواية ابن منصور عن أحمد على ذلك كما سبق وسيأتي القول في إقطاع الخراج دون المنافع فيما بعد إن شاء تعالى.
الصورة الثانية أن يقف الإمام بعض العنوة على طائفة مخصوصة من المسلمين أو واحد منهم فإن قلنا أرض العنوة وقف فلا يجوز تغيير وقفها الأول عما هو عليه بغير رضا باقي الغانمين وإن قلنا إنها فيء يشترك في منافعها المسلمون الإمام بعض المسلمين بها وقفا فهذه المسألة حدثت في وسط الدولة العباسية واختلف الفقهاء فيها فقالت طائفة لا يجوز ذلك وحكي عن أبي حامد الإسفراييني من الشافعية ووجهه بعضهم بأن المصلحة قد تقتضي في مستقبل الزمان صرفه إلى ما هو أولى فلا احتياط في ذلك بخلاف التمليك فإنه يجوز عندهم وقالت طائفة منهم يجوز ذلك وقيل إنه مذهب الشافعي وأخذوه من قول الشافعي في سير الواقدي فيما فتح عنوة فمن طاب نفسا عن حقه فجائز للإمام أن يجعله وقفا على المسلمين يقسم بينهم على أهل الخراج والصدقة وحيث يرى الإمام قالوا وقوله حيث يرى الإمام كالصريح منه في جواز الوقف على معين وفيه نظر فإن الشافعي إنما قال يجعله وقفا على المسلمين وأما قسمة الغلة ففي أهل الخراج والصدقة وحيث يراه هذا ظاهر كلامه وقد ذكرنا فيما تقدم أن الأرض المغنومة من الكفار داخلة في الفيء وأنها مشتركة بين المسلمين وإن تخصص الغانمين بها إذا رآه الإمام يكون من باب تخصيص بعض المسلمين بما هو مشترك بين جميعهم وينبغي أن يكون وقف الإمام لبعض أرض العنوة على بعض المسلمين ينبني حكمه على حكم إقطاعها كما تقدم فإن قلنا لا يجوز إقطاعها فوقفها أولى وإن قلنا يجوز إقطاعها فوقفها كذلك.
وقد سبق ما حكيناه عن الشافعية وأنه يقتضي جواز التمليك وأن الخلاف عندهم في الوقف وهو منقول من كلام ابن الرفعة ولكن ما ذكره من التفريق بين الوقف والتمليك بأن المصلحة قد تقتضي الصرف في المستقبل إلى ما هو أولى والوقف بمنعه فيقال وكذلك التمليك أيضا فلا فرق بينهما ثم إن المنقول في كتب أصحابهم أن إقطاع التمليك لا مدخل له في العامر من أرض العنوة ولا غيرها وإنما ذكر الماوردي منهم جواز إقطاع الإمام بعض أرض العنوة إقطاع إجارة كما سبق عنه فإذا منعوا من إقطاع أرض العنوة وتمليكها به فكيف يجوزون الوقف هذا مشكل جدا وذكر بعضهم وأظنه عبدالسلام أن وقف الملوك على جهة إن كانوا متمكنين في الشريعة من تمليك تلك العين تملك الجهة ابتداء صح الوقف كالوقف على جهة بر ما يستحقه تلك الجهة ومن ذلك بناء المدارس والربط وإن لم يكونوا متمكنين من ذلك شرعا كإيقافهم الضياع على أولادهم وإمائهم لم يصح لعدم جلبهم مصلحة تحصل للمسلمين قال ولو وقفنا على مدرسة أكثر مما يستحق كمدرسة يوقف عليها نصف إقليم مثلا لم يصح فيما زاد على ما يستحقه.
ووجد في بعض مجاميع أبي عمرو بن الصلاح بخطه صورة فتيا كتبت بعد الخمسمائة في مواضع ينتفع بها ليس لها مالك معين ووقفها الإمام على رجل من أهل العلم ثم على عقبة ثم على الفقراء أو اتصل بالوقف أحكام القضاة والأسجال به فهل هذا الوقف صحيح وهل يجوز لأحد من الولاة تغييره وصرفه إلى جهة أخرى أجاب ابن عقيل أن ما لا يعرف له مالك فتصرف الإمام فيه نافذ بما يراه من المصلحة من وقف وغيره ولا يملك أحد من خلق الله اعتراضه ولا تغييره وكتبه ابن عقيل وبعده جوابي مثله وكتب محمد بن أحمد بن الشاشي جوابي مثله وكتب أحمد بن علي بن برهان وبعده الجواب وبالله التوفيق أنه ينفذ حكم الحاكم ولا يرد ولا يعترض عليه وكتب أحمد بن الشاشي وبعده الجواب صحيح وكتب الزيني الجواب صحيح وكتب ابن الحلواني الأجوبة المشار إليها موافقة للشرع وكتب أحمد المهني وسئل عن مثل ذلك جماعة من الطبقة الأخرى عبدالله بن محمد بن أبي عصرون وعبدالرحمن بن محمد الغزنوي الحنفي ويونس بن محمد بن منعة ومسعود النيسابوري فأفتوا جميعا بالصحة قال ابن الصلاح قلت ولصحة هذا الوقف اتجاه انتهى.
ولكن ليس هذا السؤال في أرض العنوة وإنما هو في أرض ليس لها مالك معين فيحتمل أنها أرض انتقلت إلى بيت المال ممن لا وارث له ونحو ذلك فقد تقدم أن القاضي أبي يعلى ذكر أن هذه يصح إقطاعها وتمليكها بخلاف أرض الفيء ويمكن أن يفرق بينهما من وجهين أحدهما أن أرض العنوة قد سبق للخلفاء الراشدين فيها أحكام فلا تغير أحكامهم ولا يعترض عليها والثاني أن أرض بيت المال إذا انتقلت من مسلم لا وارث له وقلنا إنها تنتقل إرثا فالمسلمون كلهم جهة واستيعابهم بالقسمة غير ممكن فتخصيص الواحد منهم تعيين المستحق بالميراث فيمتنع.
وهاهنا فرع يقع كثيرا في هذه الأزمان المتأخرة وهو أنه يوجب كثيرا هنا في أرض السواد وأرض الشام أو غيرهما مما فتح عنوة أرض مملوكة أو موقوفة بيد أربابها وهي ثابتة الملك أو الوقف عند الحكام وقال بعض متأخري الشافعية لا يغير ذلك ولا يزيلها عن يد من هي في يده لاحتمال أن تكون صارت إليه بطريق صحيحة وتكون خارجة عن وقف عمر رضي الله عنه قال وعلى القاضي أن يحترز في سماع هذه البينة لئلا يعتمد اليد المحتملة للملك انتهى.
ويجوز أيضا أن يكون من فتوح عمر رضي الله عنه وباعها من يدري أن عمر رضي الله عنه ملكها لأربابها بالخراج وحكم بذلك من يراه ومتى كان عليها خراج مستمر إلى الآن قوي هذا الاحتمال فتصير الأرض ملكا أو وقفا لمن هي في يده والخراج حق لبيت المال عليها وقد وقع السؤال في هذا الزمان عن جواز زيادة هذا الخراج فرأى بعض الفقهاء أنه لا يجوز زيادته لأنه لا يعرف أصل وضعه هل هو بحق أم لا فلا يجوز الزيادة فيه مع هذا التردد ويقتصر على القدر الذي هو موضوع على هذه الأرض ولاسيما إن طال أمد ذلك وتقادم ولكن تقادم عهده مع ما نقل من فتح عمر رضي الله عنه لهذه البلاد عنوة ووضعه الخراج عليها مما يقوي أن وضعه بحق فإذا صارت رقبة الأرض وقفا أو ملكا خاصا بالطريق المذكور لم يسقط بذلك خراج الأرض وأيضا فيجوز أن تلك الأرض بعينها فتحت صلحا ووضع عليها خراج أقررناها به على ملكهم لها ثم اسلموا وحكم حاكم باستمرار الخراج فإنه محل اجتهاد ومثل هذا الخراج لا يزاد فيه بغير خلاف أما لو علم أن ذلك من أرض فتح عمر رضي الله عنه عنوة ووضع عليها الخراج ولم يوجب مع أصحابها إلا كتب ثابتة بملك مطلق من غير تعرض لمحل الخلاف بين العلماء في مسألة تملك أرض العنوة وبيعها وشرائها فإن كان الحاكم ممن لا يرى أن أرض العنوة تملك رقابها فيبعد نفوذ هذا الحكم ولزومه لأن من صادف حكمه مختلفا فيه ولم يعلم به.
وكان لا يراه فله نقضه إلا أن يتصل به حكم آخر ممن يرى جواز ذلك وإن كان ممن يرى ذلك فلزومه متوجه.
فصل:
ويثبته وقف الإمام لبعض أراضي الوقف من مال الفيء إذا كان فيه مصلحة عامة ذكره الشيخ تقي الدين أبو العباس بن تيمية رحمه الله واستدل له بأن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق بني هوازن بعد قسمهم بين المسلمين وعوض من لم يطب نفسه برد نصيبه منهم من مال الفيء فدل على أنه يجوز أن يشتري بمال الفيء من يعتقه للمصلحة هي هاهنا تألف هوازن على الإسلام وإذا قلنا يجوز للرجل أن يعتق من زكاة نفسه فعتق الإمام من زكوات الناس أولى وإذا جاز إعتاقه من الزكوات فمن مال المصالح العامة أولى قال ويجوز أيضا أن يعتق من مال المصالح وإن كانت المصلحة تختص بالعتق لأن إعتاق الرقيق بمنزلة إعطائه لو كان حرا بل الإعتاق أوسع من الإعطاء ولهذا يجيز للمريض إعتاق وارثه من ثلاثة بخلاف إعطائه إذ الإعتاق إسقاط لا تملك فيه وأما حكم ولائهم فقال يحتمل أن يقال لا ولاء عليهم لأحد بمنزلة عبد الكافر إذا أسلم وهاجر ويحتمل أن يقال الولاء عليهم للمسلمين قال وعلى هذا إذا اشترى السلطان رقيقا ونفذ ثمنهم من مال بيت المال ثم اعتقهم كان الملك فيهم ثابتا للمسلمين ويكون ولاؤهم مع عدم نسيب لهم في بيت المال لأن ولاءهم إما لبيت المال استحقاقا أو لكونهم لا وارث لهم فيوضع مالهم في بيت المال وليس ميراثهم السلطان لأنه اشتراهم بحكم الملك لا بحكم الملك ولو احتمل أن يكون اشتراهم لنفسه وأن يكون اشتراهم للمسلمين حمل تصرفه على الجائز وهو شراؤهم للمسلمين دون المحرم وهو شراؤهم لنفسه من بيت المال فإنه ممتنع قال ولو عرف أنه اشتراهم لنفسه بمال المسلمين حكم بأن الملك للمسلمين لا له لأن له ولاية الشراء للمسلمين من بيت مالهم فإذا اشترى بمالهم شيئا كان لهم دونه ونية الشراء لنفسه بمالهم محرمة فتلغى ويصير كأن العقد عري عنها.
وهذا ملخص ما ذكره وبكل حال فبين العتق والوقف فرق وهو أن الموقوف إذا كان أرضا ففيه قطع استحقاق المسلمين عموما إلى يوم القيامة لمنافعها إلى يوم القيامة وهذا بخلاف إعتاق الرقيق نعم لو وقف منقولا من مال بيت المال كان مثل عتق الرقيق والله أعلم.

.الباب العاشر: في حكم مال الخراج ومصارفه والتصرف فيه:

وفيه مسائل الأولى أن الخراج على من هو عليه حكمه حكم الديون واجب في ذمته لأجل أرضه فهو موضع على رقبة الأرض كما توضع الجزية على رقاب الآدميين هذا نص أحمد وإسحاق.
وروي عن عمر بن عبدالعزيز وهو قول مالك والشافعي والأكثرين من العلماء الذين يقولون يجتمع وجوب الخراج والعشر لأن الخراج أجرة الأرض واجبة في الذمة والعشر واجب في الزرع فهو كما لو استأجر أرضا أو اشتراها بثمن في ذمته وزرعها وخالف في ذلك أبو حنيفة وطائفة من الكوفيين.
وروي عن عكرمة وغيره وقالوا لا عشر مع الخراج وجعلوا الخراج متعلقا بنفس الثمرة والزرع وهذا يشبه قولهم أنه يسقط بتلف الثمرة والزرع جائحة وأنه لا يوجد كاملا إلا إذا أخرجت الأرض مثليه فإن أخرجت مثله أخذ منه نصفه وقد روي عن عكرمة أنه كان لا يأخذ من أرض الخراج عشرا بإسناد مجهول وإن صح فإن أرض الخراج في وقته كانت من أهل الذمة وليسوا من أهل العشر ورووا فيه حديثا مرفوعا من رواية يحيى بن عنبسة عن أبي حنيفة عن حمار عن إبراهيم بن علقمة عن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجتمع على المسلم خراج وعشر».
قال ابن عدي هذا الحديث لا يرويه غير يحيى بن عنبسة بهذا الإسناد عن أبي حنيفة وإنما يروى هذا من قول إبراهيم ويحكيه أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم من قوله وهو مذهب أبي حنيفة وجاء يحيى بن عنبسة فرواه عن أبي حنيفة فأوصله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأبطل فيه قال ويحيى بن عنبسة هذا مكشوف الأمر في ضعفه لرواياته عن الثقات الموضوعات ومن السلف من قال يدخل الخراج في العشر ويؤخذ الفاضل من العشر.
روى بقية عن سعيد بن عبدالعزيز حدثني إبراهيم بن أبي عبلة قال كانت لي أرض أؤدي عنها الجزية فكتب فيها عبدالله بن عوف الكناني وكان واليا عليهم قال فكتب إليه عمر يعني ابن عبدالعزيز أن اجعل الجزية من العشر ثم خذ الفضل وإذا تقرر أن الخراج دين في الذمة كان حكم استيفائه حكم استيفاء سائر الديون فإن كان من هو عليه موسرا حبس به وإن كان معسرا أنظر به ولا يباع عليه فيه إلا ما يباع في وفاء غيره من ديون الآدميين ولا يعذب على أدائه.
روى إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر حدثنا عبدالملك بن عمر حدثني رجل من ثقيف أن عليا استعمله على عكبرا قال ولم يكن السواد يسكنه المصلون فقال لي بين أيديهم استوف منهم خراجهم ولا يجدون فيك رخصة ثم قال لي إذا كان عند الظهر فأتني فأتيته فقال إني لم استطع أن أقول لك إلا الذي قلت لك بين أيديهم لأنهم قوم خدع ولكن آمرك وإن يبلغني عنك خلاف ما آمرك به عزلتك لا تبيعن لهم رزقا يأكلون ولا كسوة شتاء ولا صيف ولا تضربن رجلا منهم سوطا في طلب درهم فإنا نؤمر بذلك ولا تبيعن لهم دابة يعملون عليها إنا أمرنا أن نأخذ منهم العفو قلت إذا أجيئك كما ذهبت قال وإن فعلت قال فأتيتهم فاتبعت ما أمرني به فرجعت والله ما بقي علي درهم واحد إلا أوفيته خرجه يعقوب بن شيبة.
وخرج أيضا من طريق جعفر الأحمر عن عبدالملك بن عمير به نحوه وزاد فيه ولا يقيمن رجلا قائما في طلب درهم وقال فيه إنا أمرنا أن نأخذ منهم العفو يعني الفضل وروى هذا الحديث خلف بن تميم عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن عبدالملك بن عمير به عن أبي مسعود الثقفي عن علي رضي الله عنه.