فصل: فصل فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ وَهُوَ عَجِيبٌ) أَقُولُ لَا عَجَبَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُوبِ التَّحَتُّمُ فَالْمَعْنَى يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ تَحَتُّمُهُ فَيَسْقُطُ بِعَفْوِ الْوَلِيِّ لَا جَوَازِهِ فَلِلْوَلِيِّ اسْتِيفَاؤُهُ وَهَذَا مَعْنًى صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ، وَلَفْظُ الْبَيْضَاوِيِّ أَمَّا الْقَتْلُ قِصَاصًا فَإِلَى الْأَوْلِيَاءِ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وُجُوبُهُ لَا جَوَازُهُ انْتَهَى.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَتْلَ قِصَاصًا فِي حَدِّ نَفْسِهِ يُوصَفُ بِالْجَوَازِ بِمَعْنَى عَدَمِ امْتِنَاعِ تَعَاطِيهِ وَبِالْوُجُوبِ أَيْ التَّحَتُّمِ بِمَعْنَى امْتِنَاعِ سُقُوطِهِ فَإِنْ حَصَلَتْ التَّوْبَةُ سَقَطَ الْوَصْفُ الثَّانِي وَبَقِيَ الْأَوَّلُ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ أَنَّ الْوَصْفَيْنِ ثَابِتَانِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ قِصَاصًا وَلَا يُفِيدُ كَوْنُهُ قِصَاصًا بَلْ بِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُمَا ثَابِتَانِ لَهُ فِي نَفْسِهِ بِمَعْنَى أَنَّ ذَاتَ هَذَا الْقَتْلِ الَّذِي يُسَمَّى قِصَاصًا لَهُ هَذَانِ الْوَصْفَانِ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُ، أَمَّا الْقَتْلُ قِصَاصًا لِأَنَّ ذَلِكَ الْقِصَاصَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْعُنْوَانِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْعُنْوَانَ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَنْشَأَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ، فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ لِتَعْلَمَ انْدِفَاعَ مَا أَطَالَ بِهِ الشَّارِحُ وَأَنَّهُ لَا عَجَبَ فِيمَا قَالَهُ وَلَا فِي سُكُوتِ مُحَشِّيهِ وَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى تَأْوِيلٍ لَا يُوَافِقُ مَذْهَبَهُ وَإِنَّمَا الْعَجَبُ مِنْ الِاسْتِطَالَةِ عَلَى الْبَيْضَاوِيِّ وَمُحَشِّيهِ بِمَا لَا مَنْشَأَ لَهُ إلَّا إهْمَالُ التَّأَمُّلِ وَعَدَمُ مُرَاعَاةِ الْقَوَاعِدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ سم.
(قَوْلُهُ وَأَعْجَبُ مِنْهُ إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِأَعْجَبَ دَلَالَةٌ عَلَى مَا لَا يَلِيقُ نِسْبَتُهُ لِمِثْلِ الْبَيْضَاوِيِّ.
(قَوْلُهُ مَعَ ظُهُورِ فَسَادِهِ إلَخْ) أَقُولُ دَعْوَى فَسَادِهِ فَضْلًا عَنْ دَعْوَى ظُهُورِهِ فَاسِدَةٌ فَسَادًا وَاضِحًا.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّوْبَةَ لَا دَخْلَ لَهَا فِي الْقِصَاصِ إلَخْ) قُلْنَا لَمْ يَدَّعِي الْبَيْضَاوِيُّ أَنَّ لَهَا دَخْلًا فِي الْقِصَاصِ بَلْ ادَّعَى أَنَّ لَهَا دَخْلًا فِي صِفَةِ الْقَتْلِ قِصَاصًا وَهِيَ وُجُوبُهُ أَيْ تَحَتُّمُهُ، وَقَوْلُهُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ لَهُ بِقَيْدِ كَوْنِهِ قِصَاصًا إلَخْ قُلْت لَمْ يَدَّعِ أَنَّ لَهُ حَالَتَيْ جَوَازٍ وَوُجُوبٍ بِهَذَا الْقَيْدِ بَلْ ادَّعَى أَنَّهُ فِي نَفْسِهِ لَهُ الْحَالَتَانِ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ لَهُ الْحَالَتَيْنِ بِذَلِكَ الْقَيْدِ لَكِنْ بِاعْتِبَارَيْنِ بِاعْتِبَارِ الْوَلِيِّ وَبِاعْتِبَارِ الْإِمَامِ إذَا طُلِبَ مِنْهُ، فَقَوْلُهُ لِأَنَّا إنْ نَظَرْنَا إلَخْ كَلَامٌ سَاقِطٌ لِأَنَّهُ نَفَى النَّظَرَ إلَيْهِمَا جَمِيعًا وَلَا شَكَّ أَنَّ النَّظَرَ إلَيْهِمَا جَمِيعًا يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْحَالَتَيْنِ لَهُ بِقَيْدِ كَوْنِهِ قِصَاصًا، وَقَوْلُهُ فَتَأَمَّلْهُ قُلْنَا تَأَمَّلْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ لَمْ يَنْشَأْ إلَّا عَنْ عَدَمِ التَّأَمُّلِ الصَّحِيحِ فَأَعْجَبُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْمُسَارَعَةِ إلَى دَعْوَى ظُهُورِ الْفَسَادِ وَالتَّعَجُّبِ مِنْ الْبَيْضَاوِيِّ وَمُحَشِّيهِ وَالتَّثَبُّتِ عَلَى ذَلِكَ بِمَا لَا مَنْشَأَ لَهُ إلَّا الْغَفْلَةُ الْفَاحِشَةُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ سم.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَتَسْقُطُ إلَخْ) وَلَوْ ثَبَتَ قَطْعُ الطَّرِيقِ وَالْقَتْلِ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ رَجَعَ قُبِلَ رُجُوعُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ فِي أَوَائِلِ الْإِقْرَارِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ مِنْ تَحَتُّمِ الْقَتْلِ) أَيْ: دُونَ أَصْلِ الْقَتْلِ فَلَا يَسْقُطُ بِتَوْبَتِهِ بَلْ يُقْتَلُ قِصَاصًا لَا حَدًّا إلَّا إنْ عَفَا عَنْهُ مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ فَيَسْقُطُ قَتْلُهُ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ وَصَلْبٍ إنْ عُطِفَ عَلَى قَتْلٍ كَانَ الْمَعْنَى وَتَحَتَّمَ صَلْبُهُ مَعَ أَنَّ الصَّلْبَ يَسْقُطُ مِنْ أَصْلِهِ فَالْمُنَاسِبُ عَطْفُهُ عَلَى تَحَتُّمِ؛ لِأَنَّ الصَّلْبَ مِنْ حَيْثُ هُوَ عُقُوبَةٌ تَخُصُّهُ وَقَوْلُهُ وَقَطْعُ رِجْلٍ إلَخْ فَيَسْقُطُ قَطْعُ رِجْلِهِ وَيَدِهِ مَعًا. اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَعِبَارَتُهُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ خِلَافَهُ فَإِنَّ الرِّجْلَ هِيَ الْمُخْتَصَّةُ بِالْقَاطِعِ وَالْيَدَ تُشَارِكُهُ فِيهَا السَّرِقَةُ. اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَصَّ بِهِ) الْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ وَقَوْلُهُ الْقَاطِعُ نَائِبُ فَاعِلِ الْمُخْتَصِّ.
(قَوْلُهُ فَهُمَا) أَيْ: الرِّجْلُ وَالْيَدُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ بَعْضُهَا) وَهُوَ هُنَا قَطْعُ الرِّجْلِ لَلْمُحَارَبَةِ وَقَوْلُهُ كُلُّهَا لَعَلَّ الْأَوْلَى الْبَاقِي وَهُوَ هُنَا قَطْعُ الْيَدِ.
(قَوْلُهُ لِلْآيَةِ) أَيْ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} الْآيَةُ وَالْمُرَادُ بِمَا قَبْلَ الْقُدْرَةِ أَنْ لَا تَمْتَدَّ إلَيْهِمْ يَدُ الْإِمَامِ لِهَرَبٍ أَوْ اسْتِخْفَافٍ أَوْ امْتِنَاعٍ. اهـ. نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْبُجَيْرَمِيِّ الْمُرَادُ بِالْقُدْرَةِ أَنْ يَكُونُوا فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهَا أَنْ يَأْخُذَ الْإِمَامُ فِي أَسْبَابِهَا كَإِرْسَالِ الْجُيُوشِ لِإِمْسَاكِهِمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ: فِي الْآيَةِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ أَنَّهَا) أَيْ التَّوْبَةَ قَبْلَهَا أَيْ: الْقُدْرَةِ.
(قَوْلُهُ لَا تُهْمَةَ فِيهَا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي بَعِيدَةٌ عَنْ التُّهْمَةِ قَرِيبَةٌ مِنْ الْحَقِيقَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَظَهَرَتْ أَمَارَةُ صِدْقِهِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ لَمْ يُصَدَّقْ قَطْعًا. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ لِأَمَارَةٍ) أَيْ: أَمَارَةِ صِدْقٍ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِعَدَمِ اطِّلَاعِهَا عَلَى النَّدَمِ وَالْعَزْمِ مِنْ أَرْكَانِهَا وَنُطْقُهُ بِذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ مُوَاطَأَةِ الْقَلْبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ تُسْتَدَلُّ بِالْقَرَائِنِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَتَأَتَّ قَوْلُهُمْ تَسْقُطُ بِتَوْبَتِهِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ وَهُوَ عَجِيبٌ) أَقُولُ لَا عَجَبَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُوبِ التَّحَتُّمُ فَالْمَعْنَى يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ تَحَتُّمُهُ فَيَسْقُطُ بِعَفْوِ الْوَلِيِّ لَا جَوَازُهُ فَلِلْوَلِيِّ اسْتِيفَاؤُهُ وَهَذَا مَعْنَى صَحِيحٍ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَتْلَ قِصَاصًا فِي حَدِّ نَفْسِهِ يُوصَفُ بِالْجَوَازِ بِمَعْنَى عَدَمِ امْتِنَاعِ تَعَاطِيهِ وَبِالْوُجُوبِ أَيْ: التَّحَتُّمِ بِمَعْنَى امْتِنَاعِ سُقُوطِهِ فَإِذَا حَصَلَتْ التَّوْبَةُ سَقَطَ الْوَصْفُ الثَّانِي وَبَقِيَ الْوَصْفُ الْأَوَّلُ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ أَنَّ الْوَصْفَيْنِ ثَابِتَانِ لَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قِصَاصًا بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُمَا ثَابِتَانِ لَهُ فِي نَفْسِهِ بِمَعْنَى أَنَّ ذَاتَ هَذَا الْقَتْلِ الَّذِي يُسَمَّى قِصَاصًا لَهَا هَذَانِ الْوَصْفَانِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُ إنَّ الْقَتْلَ قِصَاصًا؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْقِصَاصِ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْعِنْوَانِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْعِنْوَانَ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَنْشَأَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ لِتَعْلَمَ انْدِفَاعَ مَا أَطَالَ بِهِ الشَّارِحُ وَأَنَّهُ لَا عَجَبَ فِيمَا قَالَهُ وَلَا فِي سُكُوتِ مُحَشِّيهِ. اهـ. سم وَقَدْ يُجَابُ عَنْ طَرَفِ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْقَتْلَ هُنَا وَظِيفَةُ الْإِمَامِ فَقَطْ دُونَ الْوَلِيِّ وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنْ نَظَرْنَا إلَى الْوَلِيِّ إلَخْ لِمُجَرَّدِ تَوْسِيعِ الدَّائِرَةِ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ بَعْدَ طَلَبِ الْوَلِيِّ إلَّا وَصْفَ الْوُجُوبِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْمَارِّ وَيُقْتَلُ حَدًّا، وَأَمَّا قَوْلُ السَّارِقِ وَإِنْ جَازَ أَوْ وَجَبَ إلَخْ فَأَوْ فِيهِ بِمَعْنَى بَلْ.
(قَوْلُهُ وَأَعْجَبُ مِنْهُ إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِأَعْجَبَ دَلَالَةٌ عَلَى مَا لَا يَلِيقُ نِسْبَتُهُ لِمِثْلِ الْبَيْضَاوِيِّ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ غَلَبَ فِي قَتْلِ الْقَاطِعِ مَعْنَى الْقِصَاصِ أَوْ مَعْنَى الْحَدِّ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّ السَّبْرَ) أَيْ تَتَبُّعَ كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ.
(وَلَا تَسْقُطُ سَائِرُ الْحُدُودِ) الْمُخْتَصَّةِ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ زِنًا وَسَرِقَةٍ وَشُرْبِ مُسْكِرٍ (بِهَا) أَيْ بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ الرَّفْعِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَدَّ مَنْ ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ» بَلْ مَنْ أَخْبَرَ عَنْهَا بِهَا بَعْدَ قَتْلِهَا وَأَطَالَ جَمْعٌ فِي الِانْتِصَارِ لِمُقَابِلِهِ بِالْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ تَرْفَعُ الذُّنُوبَ مِنْ أَصْلِهَا، نَعَمْ تَارِكُ الصَّلَاةِ يَسْقُطُ حَدُّهُ بِهَا عَلَيْهِمَا وَكَذَا ذِمِّيٌّ زَنَى ثُمَّ أَسْلَمَ وَالْخِلَافُ فِي الظَّاهِرِ، أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَحَيْثُ صَحَّتْ تَوْبَتُهُ سَقَطَ بِهَا سَائِرُ الْحُدُودِ قَطْعًا وَمَنْ حُدَّ فِي الدُّنْيَا لَمْ يُعَاقَبْ فِي الْآخِرَةِ عَلَى ذَلِكَ الذَّنْبِ بَلْ عَلَى الْإِصْرَارِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَتُبْ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِي أَعَمَّ مِنْ قَاطِعِ الطَّرِيقِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا ذِمِّيٌّ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُ هَذَا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ سَائِرُ الْحُدُودِ) أَيْ: بَاقِيهَا. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ الْمُخْتَصَّةُ) إلَى قَوْلِهِ بَلْ عَلَى الْإِصْرَارِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قَبْلَ الرَّفْعِ وَبَعْدَهُ وَقَوْلُهُ بَلْ مَنْ أَخْبَرَ إلَى نَعَمْ وَإِلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَكَذَا ذِمِّيٌّ زَنَى ثُمَّ أَسْلَمَ.
(قَوْلُهُ الْمُخْتَصَّةِ) صِفَةٌ لِلْحُدُودِ.
(قَوْلُهُ قَبْلَ الرَّفْعِ) أَيْ: إلَى الْحَاكِمِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ. اهـ. وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَلَوْ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِي أَعَمِّ مِنْ قَاطِعِ الطَّرِيقِ. اهـ.
(قَوْلُهُ بَلْ مَنْ إلَخْ) أَيْ: بَلْ حَدَّ امْرَأَةً أُخْبِرَ أَيْ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا لَا يُؤَيِّدُ الْأَظْهَرَ فَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِهِ فِي مَقَامِ الِاسْتِدْلَالِ لَهُ.
(قَوْلُهُ عَنْهَا بِهَا بَعْدَ قَتْلِهَا) كُلٌّ مِنْ هَذِهِ الظُّرُوفِ الثَّلَاثَةِ مُتَعَلِّقٌ بِأَخْبَرَ وَالضَّمِيرُ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ لِمَنْ وَالثَّانِي لِلتَّوْبَةِ.
(قَوْلُهُ لِمُقَابِلِهِ) أَيْ: مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ الْقَائِلِ بِالسُّقُوطِ بِهَا قِيَاسًا عَلَى حَدِّ قَاطِعِ الطَّرِيقِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ عَلَيْهِمَا) أَيْ: الْأَظْهَرِ وَمُقَابِلِهِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا ذِمِّيٌّ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَلَا يَسْقُطُ بِهَا عَنْ ذِمِّيٍّ بِإِسْلَامِهِ كَمَا مَرَّ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا ذِمِّيٌّ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُ هَذَا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ وَمَنْ حُدَّ فِي الدُّنْيَا إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ جَوَابِرُ لَا زَوَاجِرُ أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِمَا. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ بَلْ عَلَى الْإِصْرَارِ إلَخْ) أَوْ عَلَى الْإِقْدَامِ عَلَى مُوجِبِهِ. اهـ. نِهَايَةٌ.

.فصل فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ:

(مَنْ لَزِمَهُ قِصَاصٌ) فِي النَّفْسِ (وَقَطْعٌ) لِطَرَفٍ قِصَاصًا (وَحَدُّ قَذْفٍ) وَتَعْزِيرٌ لِأَرْبَعَةٍ (وَطَالَبُوهُ) عُزِّرَ وَإِنْ تَأَخَّرَ ثُمَّ (جُلِدَ) لِلْقَذْفِ (ثُمَّ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ) تَقْدِيمًا لِلْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى اسْتِيفَاءِ الْكُلِّ (وَيُبَادَرُ بِقَتْلِهِ بَعْدَ قَطْعِهِ) بِلَا مُهْلَةٍ بَيْنَهُمَا فَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ مُطَالِبٌ وَالنَّفْسَ مُسْتَوْفَاةٌ (لَا قَطْعُهُ بَعْدَ جَلْدِهِ) فَلَا تَجُوزُ الْمُبَادَرَةُ بِهِ (إنْ غَابَ مُسْتَحِقُّ قَتْلِهِ)؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلَكُ بِالْمُوَالَاةِ فَيَفُوتُ قَوَدُ النَّفْسِ (وَكَذَا إنْ حَضَرَ وَقَالَ عَجِّلُوا الْقَطْعَ) وَأَنَا أُبَادِرُ بَعْدَهُ بِالْقَتْلِ وَخِيفَ مَوْتُهُ بِالْمُوَالَاةِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالْقَطْعِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلَكُ بِالْمُوَالَاةِ فَيَفُوتُ الْقَتْلُ قَوَدًا مَعَ أَنَّ لَهُ مَصْلَحَةً هِيَ سُقُوطُ الْعِقَابِ عَنْهُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَيْضًا فَرُبَّمَا عَفَا مُسْتَحِقُّ الْقَتْلِ فَتَكُونُ الْمُوَالَاةُ سَبَبًا لِفَوَاتِ النَّفْسِ فَاتَّجَهَ عَدَمُ نَظَرِهِمْ لِرِضَاهُ بِالتَّقْدِيمِ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَخَفْ مَوْتَهُ بِالْمُوَالَاةِ فَيُعَجَّلُ جَزْمًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ مَخُوفٌ يَخْشَى مِنْهُ مَوْتَهُ بِالْجَلْدِ إنْ لَمْ يُبَادِرْ بِالْقَطْعِ فَيُبَادِرْ بِهِ وُجُوبًا، وَخَرَجَ بِطَالَبُوهُ مَا لَوْ طَالَبَهُ بَعْضُهُمْ فَلَهُ أَحْوَالٌ فَحِينَئِذٍ (إذَا أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ حَقَّهُ) وَطَالَبَ الْآخَرَانِ (جُلِدَ فَإِذَا بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا (قُطِعَ) وَلَا يُوَالِي بَيْنَهُمَا خَوْفَ الْمَوْتِ فَيَفُوتُ قَوَدُ النَّفْسِ (وَلَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ طَرْفٍ) وَطَالَبَ الْآخَرَانِ (جُلِدَ وَعَلَى مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ الصَّبْرُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الطَّرَفَ) لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّهُ وَاحْتِمَالُ تَأْخِيرِ مُسْتَحِقِّ الطَّرَفِ لَا إلَى غَايَةٍ فَيَفُوتُ الْقَتْلُ لَا نَظَرَ إلَيْهِ لِأَنَّ مَبْنَى الْقَوَدِ عَلَى الدَّرْءِ وَالْإِسْقَاطِ مَا أَمْكَنَ فَانْدَفَعَ اسْتِحْسَانُ جَبْرِهِ عَلَى الْقَوَدِ وَالْعَفْوِ وَالْإِذْنِ لِمُسْتَحِقِّ النَّفْسِ بِالتَّقَدُّمِ فَإِنْ أَبِي مَكَّنَ الْحَاكِمُ مُسْتَحِقَّ النَّفْسِ (فَإِنْ بَادَرَ) مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ (فَقَتَلَ) فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِتَعَدِّيهِ وَحِينَئِذٍ (فَلِمُسْتَحِقِّ الطَّرَفِ دِيَةٌ) فِي تَرِكَةِ الْمَقْتُولِ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الِاسْتِيفَاءِ (وَلَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ الْجَلْدِ) حَقَّهُ وَطَالَبَ الْآخَرَانِ (فَالْقِيَاسُ صَبْرُ الْآخَرَيْنِ) وُجُوبًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ وَإِنْ تَقَدَّمَ اسْتِحْقَاقُهُمَا لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّهُ بِاسْتِيفَائِهِمَا أَوْ اسْتِيفَاءَ أَحَدِهِمَا وَلَوْ قَطَعَ نَحْوَ أُنْمُلَةٍ لِأَنَّ الْجُرْحَ عَظِيمُ الْخَطَرِ وَرُبَّمَا أَدَّى إلَى الزُّهُوقِ فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ هُنَا.
الشَّرْحُ:
(فَصْل مَنْ لَزِمَهُ قِصَاصٌ وَقَطْعٌ وَحَدُّ قَذْفٍ وَطَالَبُوهُ جُلِدَ ثُمَّ قُطِعَ إلَخْ):
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ مَخُوفٌ إلَخْ) دَلَّ عَلَى عَدَمِ تَأْخِيرِ الْجَلْدِ لِلْمَرَضِ.