فصل: الفصل الرابع: في بيان أنه لا مجال لأهل الكتاب أن يدّعوا أن كل كتاب من كتب العهد العتيق والجديد كتب بالإلهام، وأن كل حال من الأحوال المندرجة فيه إلهامي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: إظهار الحق (نسخة منقحة)



.الغلط (105):

في الباب الخامس من إنجيل مرقس في حال إخراج الشياطين من المجنون هكذا: (فطلب إليه كل الشياطين قائلين: أرسلنا إلى الخنازير فأذن لهم يسوع للوقت، فخرجت الأرواح النجسة ودخلت في الخنازير فاندفع القطيع إلى البحر وكانوا نحو ألفين فاختنقوا في البحر) وهذا غلط أيضًا فإن قنية الخنزير عند اليهود محرمة، ولم يكن من المسيحيين الآكلين لها في هذا الوقت أصحاب أمثال هذه الأموال، فأي نوع من الناس كان أصحاب ذلك القطيع، وأن عيسى عليه السلام كان يمكنه أن يخرج تلك الشياطين من ذلك الرجل ويبعثها إلى البحر من دون إتلاف الخنازير التي هي من الأموال الطيبة كالشاه والضأن عند المسيحيين، أن يدخلها في خنزير واحد كما كانت في رجل واحد، فلم جلب هذه الخسارة العظيمة على أصحاب الخنازير؟

.الغلط (106):

في الباب السادس والعشرين من إنجيل متى قول عيسى عليه السلام في خطاب اليهود هكذا: (من الآن ترون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوة وآتيًا على سحاب السماء) وهو غلط لأن اليهود لم تره قط جالسًا عن يمين القوة، ولا آتيًا على سحاب السماء لا قبل موته ولا بعده.

.الغلط (107):

في الباب السابع من إنجيل لوقا هكذا: (ليس التلميذ أفضل من معلمه، بل كل من صار كاملًا يكون مثل معلمه)، هذا في الظاهر غلط لأنه قد صار ألوف من التلاميذ أفضل من معلميهم بعد الكمال.

.الغلط (108):

في الباب الرابع عشر من إنجيل لوقا قول عيسى عليه السلام هكذا: (إن كان أحد يأتي إلي ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته حتى نفسه أيضًا فلا يقدر أن يكون تلميذًا) وهذا الأدب عجيب لا يناسب تعليمه لشأن عيسى عليه السلام، وقد قال هو موبخًا لليهود: (إن اللّه أوصى قائلًا أكرم أباك وأمك ومن يشتم أبًا أو أمًا فليمت موتًا) كما هو مصرح في الباب الخامس من إنجيل متى فكيف يعلم بغض الأب والأم؟.

.الغلط (109):

في الباب الحادي عشر من إنجيل يوحنا هكذا: 49: (فقال لهم واحد منهم هو قيافا كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة: أنتم لستم تعرفون شيئًا) 50 (ولا تفكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها) 51 (ولم يقل هذا من نفسه بل إذا كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة تنبأ أن يسوع منتظر أن يموت عن الأمة) 52 (وليس عن الأمة فقط بل ليجمع أبناء اللّه المتفرقين إلى واحد) وهذا غلط بوجوه: (الأول) أن مقتضى هذا الكلام أن رئيس كتبة اليهود لا بد من أن يكون نبيًّا وهو فاسد يقينًا.
(الثاني) أن قوله هذا ولو كان بالنبوة يلزم أن يكون موت عيسى عليه السلام كفارة عن قوم اليهود فقط لا عن العالم، وهو خلاف ما يزعمه أهل التثليث، ويلزم أن يكون قول الإنجيلي وليس عن الأمة فقط الخ لغوًا مخالفًا للنبوة. (الثالث) أن هذا النبي المسلم نبوته عند هذا الإنجيلي هو الذي كان رئيس الكهنة حين أسر وصلب عيسى عليه السلام، وهو الذي أفتى بقتل عيسى عليه السلام وكذّبه وكفَّره ورضي بتوهينه وضربه. في الباب السادس والعشرين من إنجيل متى هكذا: 57: (والذين أمسكوا يسوع مضوا به إلى قيافا رئيس الكهنة) الخ 63. (وأما يسوع فكان ساكتًا فأجاب رئيس الكهنة وقال أستحلفك باللّه الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن اللّه) 64 (فقال له يسوع أنت قلت، وأيضًا أقول لكم إنكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوة وآتيًا على سحاب السماء) 65 (فمزق حينئذ رئيس الكهنة ثيابه قائلًا قد جدَّف، ما حاجاتنا بعد إلى شهود ها قد سمعتم تجديفه) 66 (ماذا ترون؟ فأجابوا وقالوا إنه مستوجب الموت) 67 (حينئذ بصقوا في وجهه ولكموه وآخرون لطموه) وقد اعترف الإنجيلي الرابع أيضًا في الباب الثامن عشر من إنجيله هكذا: (ومضوا به إلى حنان أولًا لأنه كان حنان قيافا الذي كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة، وكان قيافًا هو الذي أشار على اليهود أنه خير أن يموت إنسان واحد عن الشعب) فأقول لو كان قوله المذكور بالنبوة وكان معناه كما فهم الإنجيلي فكيف أفتى بقتل عيسى عليه السلام؟ وكيف كذبه وكفره ورضي بتوهينه وضربه؟ أيفتي النبي بقتل الإله؟ أيكذبه في ألوهيته ويكفره ويهينه، وإن كانت النبوة حاوية لأمثال هذه الشنائع أيضًا فنحن برآء عن هذه النبوة وعن صاحبها، ويجوز على هذا التقدير عند العقل أن يكون عيسى عليه السلام أيضًا نبيًّا لكنه ركب مطية الغواية والعياذ باللّه فارتد وادعى الألوهية، وكذب على اللّه ودعوى العصمة في حقه خاصة في التقدير المذكور غير مسموع، والحق أن يوحنا الحواري بريء عن أمثال هذه الأقوال الواهية كما أن عيسى عليه السلام بريء عن ادعاء الألوهية، وهذه كلها خرافات المثلثين، ولو فرض صحة قول قيافا يكون معناه أن تلاميذ عيسى عليه السلام وشيعته لما جعلوا دأبهم أن عيسى عليه السلام هو المسيح الموعود، وكان زعم الناس أن المسيح لا بد أن يكون سلطانًا عظيمًا من سلاطين اليهود، خاف هو وأكابر اليهود أن هذه الإشاعة موجبة للفساد مهيجة عليهم غضب قيصر رومية فيقعون في بلاء عظيم فقال: إن في هلاك عيسى فداء لقومه من هذه الجهة لا من جهة خلاص النفوس من الذنب الأصلي، الذي عندهم عبارة عن الذنب الذي صدر عن آدم عليه السلام بأكل الشجرة المنهية قبل ميلاد المسيح بألوف سنة. لأنه وهم محض لا يعتقده اليهود، ولعل الإنجيلي تنبه بعد ذلك حيث أورد في الباب الثامن عشر لفظ أشار بدل تنبأ، لأن بين الإشارة بأمر وبين النبوة فرقًا عظيمًا فأجاد وإن ناقض نفسه.

.الغلط (110):

في الباب التاسع من الرسالة العبرانية هكذا: 19: (لأن موسى بعد ما كلم جميع الشعب بكل وصية بحسب الناموس أخذ دم العجول والتيوس مع ماء وصوفًا قرمز ياوز وفاورَشَّ الكتاب نفسه وجميع الشعب) 30 (قائلًا هذا هو دم العهد الذي أوصاكم اللّه به) 21 (والمسكن أيضًا وجميع آنية الخدمة رشها كذلك بالدم) وفيه غلط من ثلاثة أوجه: (الأول) أنه ما كان دم العجول والتيوس بل كان دم الثيران فقط. (الثاني) ما كان الدم في هذه المرة مع ماء وصوف قرمزي وزوفابل كان الدم فقط.
(والثالث) ما رش على الكتاب نفسه ولا على جميع آنية الخدمة، بل رش نصف الدم على المذبح ونصفه على الشعب، كما هو مصرح في الباب الرابع والعشرين من كتاب الخروج وعبارته هكذا: 3 (فجاء موسى وحدت الشعب بكل كلام الرب وجميع الفرائض فصرخ الشعب كله صرخة شديدة، وقالوا كل ما قال اللّه نعمل) 4 (فكتب موسى جميع كلام اللّه وابتكر بالغداة فابتنى مذبحًا في أسفل الجبل واثني عشر منسكًا لاثني عشر سبط إسرائيل) 5 (وأرسل شباب بني إسرائيل فاصعدوا وقودًا مسلمة وذبحوا ذبائح كاملة ثيرانًا للرب) 6 (وأخذ موسى نصف الدم وجعله في إناء والنصف الآخر رشه على المذبح) 7 (وأخذ الميثاق وقرأه على الشعب فقالوا نفعل جميع ما قاله اللّه لنا ونطيع) 8 (فأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال هذا العهد الذي عاهدكم اللّه به على كل هذا القول)، وظني أن الكنيسة الرومانية لأجل هذه المفاسد التي علمتها في هذا الفصل كانت تمنع العامة عن قراءة هذه الكتب، وتقول إن الشر الناتج من قراءتها أكثر من الخير، ورأيهم في هذا الباب كان سليمًا جدًّا، وعيوبها كانت مستترة عن أعين المخالفين لعدم شيوعها، ولما ظهرت فرقة البروتستنت وأظهرت هذه الكتب ظهر ما ظهر في ديار أوروبا في الرسالة الثالثة عشرة من كتاب الثلاث عشرة المطبوعة سنة 1849 في بيروت في الصفحة 417 و418 (فلننظر الآن قانونًا مرتبًا من قبل المجمع التريد نيتني ومثبتًا من البابا بعد نهاية المجمع، وهذا القانون يقول: إذ كان ظاهرًا من التجربة أنه إذا كان الجميع يقرؤون في الكتب باللفظ الدارج فالشر الناتج من ذلك أكثر من الخير، فلأجل هذا ليكن للأسقف أو القاضي في بيت التفتيش سلطان حسب تميزه بمشورة القس أو معلم الاعتراف ليأذن في قراءة الكتاب باللفظ الدارج لأولئك الذين يظن أنهم يستفيدون، ويجب أن يكون الكتاب مستخرجًا من معلم كاثوليكي والإذن المعطى بخط اليد، وإن كان أحد بدون الإذن يتجاسر أن يقرأ أو يأخذ هذا الكتاب فلا يسمح له بحل خطيئته حتى يرد الكتاب إلى الحاكم) انتهى كلامه بلفظه.

.الفصل الرابع: في بيان أنه لا مجال لأهل الكتاب أن يدّعوا أن كل كتاب من كتب العهد العتيق والجديد كتب بالإلهام، وأن كل حال من الأحوال المندرجة فيه إلهامي:

وفيه سبعة عشر وجهًا لأن هذا الادعاء باطل قطعًا ويدل على بطلانه وجوه كثيرة أكتفي منها ههنا على سبعة عشر وجهًا:

.الوجه الأول:

أنه يوجد فيها الاختلافات المعنوية الكثيرة، واضطر محققوهم ومفسروهم في هذه الاختلافات فسلموا في بعضها أن إحدى العبارتين أو العبارات صادقة وغيرها كاذبة إما بسبب التحريف القصدي، أو بسبب سهو الكاتب، ووجهوا بعضها بتوجيهات ركيكة بشعة لا يقبلها الذهن السليم، وقد عرفت في القسم الأول من الفصل الثالث أزيد من مائة اختلاف.

.الوجه الثاني:

أنه يوجد فيها أغلاط كثيرة وقد عرفت في القسم الثاني من الفصل الثالث أيضًا أكثر من مائة غلط، والكلام الإلهامي بعيد بمراحل عن وقوع الغلط والاختلاف المعنوي.

.الوجه الثالث:

أنه وقع فيها التحريفات القصدية في مواضع غير محصورة بحيث لا مجال للمسيحيين أن ينكروها، وظاهر أن المواضع المحرّفة ليست بإلهامية عندهم يقينًا، وستقف على مائة موضع من هذه المواضع في الباب الثاني مفصّلًا إن شاء اللّه تعالى.

.الوجه الرابع:

أن كتاب باروخ، وكتاب طوبيا، وكتاب يهوديت، وكتاب وزدم، وكتاب أيكليزيا ستيكس، والكتاب الأول والثاني للمقابيين، وعشر آيات في الباب العاشر، وستة أبواب من الحادي عشر إلى السادس عشر من كتاب أستير، وغناء الأطفال الثلاثة في الباب الثالث من كتاب دانيال، والباب الثالث عشر والرابع عشر من هذا الكتاب، أجزاء من العهد العتيق عند فرقة الكاثلك، وقد بين فرقة البروتستنت بالبيانات الشافية أنها ليست إلهامية واجبة التسليم، فلا حاجة لنا إلى إبطالها، فمن شاء فلينظر في كتبهم، واليهود أيضًا لا يسلمونها إلهامية.
والسفر الثالث لعزرا أجزاء من العهد العتيق عند كنيسة كريك وقد بين فرقة الكاثلك وفرقة البروتستنت بأدلة واضحة أنه ليس إلهاميًّا، فمن شاء فلينظر في كتب الفرقتين المذكورتين، وكتاب القُضاة ليس إلهاميًّا على قول من قال إنه تصنيف فينحاس، وكذا على قول من قال إنه تصنيف حزقيا،
وكتاب راغوث ليس إلهاميًّا على قول من قال إنه تصنيف حزقيا، وكذا على قول طابعي البيبل المطبوع سنة 1816 في (استار برك) وكتاب نحميا على المذهب المختار ليس إلهاميًّا، سيما ستًا وعشرين آية من أول الباب الثاني عشر من هذا الكتاب، وكتاب أيوب ليس إلهاميًّا على قول رب مماني ديز، وميكانيس، وسيملر واستاك، وتهويد وروى الإمام الأعظم لفرقة البروتستنت لوطر، وعلى قول من قال إنه من تصنيف أليهو أو رجل من آله أو رجل مجهول الاسم، والباب الثلاثون والباب الحادي والثلاثون من كتاب أمثال سليمان ليسا بإلهاميين، والجامعة على قول علماء تلميودي ليس إلهاميًّا، وكتاب نشيد الإنشاد على قول تهيودوروسيمن وليكلرك ووستن وسملر وكاستيليو ليس إلهاميًّا، وسبعة وعشرون بابًا من كتاب أشعياء ليست إلهامية على قول الفاضل (استاهلن الجرمني) وإنجيل متى على قول القدماء وجمهور العلماء المتأخرين الذين قالوا إنه كان باللسان العبراني والحروف العبرانية ففقد والموجود الآن ترجمة ليس إلهاميًّا، وإنجيل يوحنا على قول استائدلن والمحقق برطشنيدر ليس إلهاميًّا، والباب الأخير منه على قول المحقق (كروتيس) ليس إلهاميًّا، وجميع رسائل يوحنا ليست إلهامية على قول المحقق برطشنيدر وقول فرقة ألوجين والرسالة الثانية لبطرس ورسالة يهودا ورسالة يعقوب والرسالة الثانية والثالثة ليوحنا ومشاهدات يوحنا ليست إلهامية على قول الأكثر كما عرفت في الفصل الثاني من هذا الباب.