فصل: الْحَدِيثُ بِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول (نسخة منقحة)



.الْحَدِيثُ بِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ» قَالَ: مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ» قَالَ: مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الْإِبِلِ الْبُهْمُ فِي الْبُنْيَانِ، فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى» ثُمَّ تَلَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ: «رُدُّوهُ» فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا فَقَالَ: «هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسُ دِينَهُمْ».
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: جَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ: باب سؤال جبريل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ وَعِلْمِ السَّاعَةِ، وَبَيَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ. ثُمَّ قَالَ: «جَاءَ جِبْرِيلُ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ دِينًا.
وَأَخْرَجَهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ لُقْمَانَ فَقَالَ: بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي حَيَّانَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِي فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِيمَانُ؟ وَفِيهِ: «قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا كَانَ الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ رُءُوسَ النَّاسِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} ثُمَّ انْصَرَفَ الرَّجُلُ فَقَالَ: ردوا علي. فأخدوا لِيَرُدُّوا فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا فَقَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ».
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ الْحَدِيثَ وَزَادَ: «وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الْبُهْمِ فِي الْبُنْيَانِ، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} قَالَ: ثُمَّ أَدْبَرَ...» إِلَخْ.
وَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّ فِي رِوَايَتِهِ: «إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ بَعْلَهَا» يَعْنِي: السراري.
وقال: حدثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ وَهُوَ ابْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَلُونِي» فَهَابُوهُ أَنْ يَسْأَلُوهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَجَلَسَ عِنْدَ رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ» قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكِتَابِهِ وَلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ» قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَخْشَى اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنَّكَ إِلَّا تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ؟ قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا رَأَيْتَ الْأَمَةَ تَلِدُ رَبَّهَا فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا رَأَيْتَ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الصُّمَّ الْبُكْمَ مُلُوكَ الْأَرْضِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا رَأَيْتَ رِعَاءَ الْبُهْمِ يتطاولون فِي الْبُنْيَانِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، فِي خَمْسٍ مِنَ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ قَرَأَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}» قَالَ: ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُدُّوهُ عَلَيَّ» فَالْتُمِسَ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا جِبْرِيلُ أَرَادَ أَنْ تَعْلَّمُوا؛ إِذْ لَمْ تَسْأَلُوا».
وَأَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادِ مُسْلِمٍ وَلَفْظِهِ إِلَى آخَرِ الْآيَةِ. وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عُمَرَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ... إِلَخْ وَفِيهِ: «وَإِذَا كَانَتِ الْعُرَاةُ الْحُفَاةُ الْجُفَاةُ».

.الْحَدِيثُ بِهِ عَنْهُ وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ:

وَأَمَّا حَدِيثُهُ مَعَ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ مُجْتَبَى سُنَنِهِ: صِفَةُ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ بَيْنَ ظَهَرَانَيْ أَصْحَابِهِ فَيَجِيءُ الْغَرِيبُ فَلَا يَدْرِي أَيُّهُمْ هُوَ حَتَّى يَسْأَلَ، فَطَلَبْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَجْعَلَ لَهُ مَجْلِسًا يَعْرِفُهُ الْغَرِيبُ إِذَا أَتَاهُ، فَبَنَيْنَا لَهُ دُكَّانًا مِنْ طِينٍ كَانَ يَجْلِسُ عَلَيْهِ، وَإِنَّا لَجُلُوسٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسِهِ، إِذْ أَقْبَلَ رِجْلٌ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَطْيَبَ النَّاسِ رِيحًا كَأَنَّ ثِيَابَهُ لَمْ يَمَسَّهَا دَنَسٌ حَتَّى سَلَّمَ فِي طَرَفِ الْبِسَاطِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: أَدْنُو يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: ادْنُهْ فَمَا زَالَ يَقُولُ أَدْنُو مِرَارًا وَيَقُولُ لَهُ ادْنُ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ».
قَالَ: إِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ أَسْلَمْتُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ، فَلَمَّا سَمِعْنَا قَوْلَ الرَّجُلِ «صَدَقْتَ» أَنْكَرْنَا قَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَتُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ آمَنَتُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي مَا الْإِحْسَانُ؟ فَقَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ صَدَقْتَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: فَنَكَّسَ فَلَمْ يُجِبْهُ شَيْئًا ثُمَّ أَعَادَ فَلَمْ يُجِبْهُ شَيْئًا ثُمَّ أَعَادَ فَلَمْ يُجِبْهُ شَيْئًا وَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ لَهَا عَلَامَاتٌ تُعْرَفَ بِهَا: إِذَا رَأَيْتَ الرِّعَاءَ الْبُهْمَ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ، وَرَأَيْتَ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ مُلُوكَ الْأَرْضِ، وَرَأَيْتَ الْأَمَةَ تَلِدُ رَبَّهَا فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}» ثُمَّ قَالَ: «لَا وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ هَادِيًا وَبَشِيرًا مَا كُنْتُ بِأَعْلَمَ بِهِ مِنْ رَجُلٍ مِنْكُمْ، وَإِنَّهُ لَجِبْرِيلُ نَزَلَ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ».
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي بَابِ الْقَدَرِ، مِنْ كِتَابِ السُّنَّةِ مِنْ سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ فَرْوَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عُمَرَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَبَنَيْنَا لَهُ دُكَّانًا مِنْ طِينٍ فَجَلَسَ عَلَيْهِ، وَكُنَّا نَجْلِسُ بِجَنْبَتَيْهِ وَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الْخَبَرِ فَأَقْبَلَ رَجُلٌ، فَذَكَرَ هَيْئَتَهُ حَتَّى سَلَّمَ مِنْ طَرَفِ السِّمَاطِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ قَالَ: فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَحَاصِلُ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحْدَهُ وَمَعَ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَبُو زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْهُ أَبُو حَيَّانَ وَأَبُو فَرْوَةَ وَعُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، وَعَنْ أَبِي حَيَّانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ وَجَرِيرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ مُسَدَّدٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعَنْ جَرِيرٍ إِسْحَاقُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بشر بن مُحَمَّدُ بْنُ نُمَيْرٍ، وَعَنْ كُلٍّ مِنْ عُمَارَةَ وَأَبِي فَرْوَةَ جَرِيرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.الْحَدِيثُ بِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضِرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا شَهْرٌ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسًا فَجَاءَ جِبْرِيلُ-عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى رُكْبَتَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنِي مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِسْلَامُ أَنْ تُسْلِمَ وَجْهَكَ لِلَّهِ وَتَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» قَالَ: إِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُسْلِمٌ؟ قَالَ: «إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ أَسْلَمْتَ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَحَدِّثْنِي مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكُتُبِ وَالنَّبِيِّينَ وَتُؤْمِنَ بِالْمَوْتِ وَبِالْحَيَاةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَتُؤْمِنَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ آمَنْتُ؟ قَالَ: «إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ آمَنْتَ» قَالَ: يَا رَسُولَ الله حدثني ما الْإِحْسَانِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إن لم تره فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَحَدِّثْنِي مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، فِي خَمْسٍ مِنَ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} وَلَكِنْ إِنْ شِئْتَ حَدَّثْتُكَ بِمَعَالِمَ لَهَا دُونَ ذَلِكَ» قَالَ: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَحَدِّثْنِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتَ الْأَمَةَ وَلَدَتْ رَبَّتَهَا أَوْ رَبَّهَا وَرَأَيْتَ أَصْحَابَ الشَّاءِ تَطَاوَلُوا بِالْبُنْيَانِ وَرَأَيْتَ الْحُفَاةَ الْجِيَاعَ الْعَالَةَ كَانُوا رُءُوسَ النَّاسِ، فَذَلِكَ مِنْ مَعَالِمِ السَّاعَةِ وَأَشْرَاطِهَا» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ أَصْحَابُ الشَّاءِ وَالْحُفَاةُ الْجِيَاعُ الْعَالَةُ؟ قَالَ: «الْعَرَبُ» وَحَسَّنَهُ الْحَافِظُ الْعَسْقَلَانِيُّ.