.تفسير الآية رقم (53):
{هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53)}(53)- وَهَذَا النَّعِيمُ فِي الجَنَّاتِ التِي وَصَفَهَا اللهُ تَعَالَى، فَيمَا تَقَدَّمَ، هُوَ مَا وَعَدَ اللهُ عِبَادَهُ المُتَّقِينَ بِأَنَّهُ سَيجْزِيهِمْ بِهِ فِي يَوْمِ الحِسَابِ فِي الآخِرَةِ.
.تفسير الآية رقم (54):
{إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54)}(54)- وَهَذَا النَّعِيمُ، وَتِلْكَ الكَرَامَةُ، عَطَاءٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى، لا يْنْفَدُ، وَلا يَنْقَطِعُ عَنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.نَفَادٌ- انْقِطَاعٌ وَفَنَاءٌ.
.تفسير الآية رقم (55):
{هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55)}{لِلطَّاغِينَ} {مَآبٍ}(55)- هَذَا الذِي تَقَدَّمَ هُوَ جَزَاءُ المُؤْمِنِينَ الأَخْيَارِ، عَلَى مَا قَدَّمُوهُ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ، وَطَاعَةٍ لِرَبِّهِمْ. أَمَّا الكَافِرُونَ الخَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى، وَالمُكَذِبُّونَ رُسُلَهُ الكِرَامَ، فَلَهُمْ سُوءُ المُنْقَلَبِ، وَشَرُّ العَاقِبَةِ.لَشَرَّ مَآبٍ- لأَسْوَأَ مُنْقَلَبٍ وَمَصِيرٍ.
.تفسير الآية رقم (56):
{جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56)}(56)- إِذْ تَكُونُ عَاقِبَتُهُم العَذَابَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُقَاسُونَ حَرَّهَا الشَّدِيدَ، وَسَاءَتْ جَهَنَّمُ مَهْداً وَفِراشاً.يَصْلَوْنَهَا- يَدْخُلُونَهَا أَوْ يُقَاسُونَ حَرَّهَا.المِهَادُ- الفِراشُ.
.تفسير الآية رقم (57):
{هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57)}(57)- وَهَذَا العَذَابُ هُوَ جَزَاؤُهُمْ فِي الآخِرَةِ عَلَى كُفْرِهِمْ وَسُوءِ أَعْمَالِهِمْ. فَلْيَذُوقُوهُ فَهْوَ مَاءٌ حَارٌّ، مَتَنَاهٍ فِي شِدَّةِ حَرَارَتِهِ، وَقَدْ مُزِجَ بالصَّدِيدِ الذِي يَسِيلُ مِنْ أَجْسَادِهِم المُحْتَرِقَةِ فِي النَّارِ (غَسَّاقٌ).حَمِيمٌ- مَاءٌ بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي الحَرَارَةِ.غَسَّاقٌ- الصَّدِيدُ الذِي يَسِيلُ مِنْ جُلُودِ أَهْلِ النَّارِ المُحْتَرِقَةِ. وَقِيلَ إِنَّهُ نَوْعٌ مِنَ العَذَابِ لا يَعْلَمُهُ إِلا اللهَ تَعَالَى.
.تفسير الآية رقم (58):
{وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58)}{آخَرُ} {أَزْوَاجٌ}(58)- وَلَهُمْ صُنُوفٌ أُخْرَى مِنَ العَذَابِ مِنْ أَشْبَاهِ هَذَا العَذَابِ يُعَذِّبُونَ بِهَا، كَالزَّمْهَرِيرِ، والسَّمُومِ، وَشُرْبِ الحَمِيمِ والغَسَّاقِ، وَأَكْلِ الزَّقومِ.وَآخَرُ- وَعَذَابٌ آخَرُ.أَزْوَاجٌ- أَصْنَافٌ.
.تفسير الآية رقم (59):
{هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ (59)}{صَالُواْ}(59)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالى عَنْ أَهْلِ النَّارِ، وَكَيْفَ يَتَنَكَّرُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَكَيْفَ يَتَشَاتَمُونَ وَيَتَلاعَنُونَ، وَيُكَذِّبُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَحِينَمَا يَرَى جَمَاعَةُ الكُبَرَاءِ، الذِينَ دَخَلُوا النَّارَ، فَوْجاً يَدْخُلُهَا مِنَ الأَتْبَاعِ الذِينَ يَعْرِفُونَهُمْ فِي الدُّنْيَا، يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَذَا فَوْجٌ مِنَ الكَفَرَةِ الضَّالينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ مَعَكُمْ، فَلا مَرْحَباً بِهِمْ، إِنَّهُمْ سَيَذُوقُونَ عَذَابَ النَّارِ، وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرَهَا.فَوْجٌ- جَمْعٌ كَثِيفٌ.مُقْتَحِمٌ- دَاخِلٌ النَّارَ قَهْراً عَنْهُ.
.تفسير الآية رقم (60):
{قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60)}(60)- فَيَردُّ عَلَيْهِمُ الأَتْبَاعُ الدَّاخِلُونَ قَائِلِينَ لَهُمْ، وَقَدْ سَمِعُوا مَقَالَتَهُمْ: بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ فَأَنْتُمْ الذِينَ أَضْلَلْتُمُونَا وَدَعَوْتُمُونَا إِلَى مَا أَفْضَى بِنَا إِلَى هَذَا المَصِيرِ، فَبِئْسَ المَنْزِلُ وَالمُسْتَقَرُّ وَالمَصِيرُ.فَبِئْسَ القَرَارُ- بِئْسَ المُسْتَقَرُّ لِلْجَمِيعِ جَهَنَّمُ.
.تفسير الآية رقم (61):
{قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61)}(61)- فَيَقُولُ الأَتباعُ دَاعِينَ عَلَى رُؤُوسِ الضَّلالَةِ: رَبَّنَا عَذِّبْ مَنْ كَانَ السَّبَبَ فِي وُصُولِنَا إِلَى هَذَا العَذَابِ وأذِقْهُ عَذَاباً مُضَاعَفاً فِي النَّارِ: عَذَاباً لِضَلالِهِ، وَعَذَاباً آخَرَ لإِضْلالِهِ غَيْرَهُ.
.تفسير الآية رقم (62):
{وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62)}(62)- ثُمَّ يَلْتَفِتُ أَهْلُ النَّارِ لِيَبْحَثُوا بِأنْظَارِهِمْ فِي النَّارِ عَنْ فُقَرَاءِ المُؤْمِنِينَ، وَضُعَفَائِهِمْ، الذِينَ كَانُوا يَسْخَرُونَ مِنْهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيَعُدُّونَهُمْ مِنَ الأَشْرَارِ، فَلا يَرَوْنَهُمْ فِي النَّارِ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لِمَاذَا لا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ أَشْرَاراً فِي الدُّنْيَا، وَكُنَّا نَسْخَرُ مِنْ دَعْوَتِهِمْ إِيَّانَا إِلى الإِيْمَانِ؟ (وَهُمْ يَقْصِدُونَ فَقَرَاءَ المُؤْمِنِينَ).
.تفسير الآية رقم (63):
{أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63)}{أَتَّخَذْنَاهُمْ} {الأبصار}(63)- ثُمَّ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَلِ اتَّخَذْنَاهُمْ مَوْضُوعاً لِلْهُزْءِ والسُّخْرِيَةِ، وَهُمْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلاً لِذَلِكَ، فَكَانُوا عَلَى حَقٍّ، وَكُنَّا عَلَى بَاطِلٍ، فَفَازُوا بِدُخُولِ الجَنَّةِ، وَلَمْ يَدْخُلُوا النَّارَ مَعَنَا، أَمْ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ مَعَنَا وَلَكِنَّ أَبْصَارَنَا زَاغَتْ عَنْهُمْ، فَلَمْ تَقَعْ عَلَيْهِمْ؟أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِياً- هَلْ جَعَلْنَاهُمْ مَوْضِعَ سُخْرِيِتَنَا.زَاغَتِ الأَبْصَارُ- مَالَتْ فَلَمْ تَعْلَمْ مَكَانَهُمْ.
.تفسير الآية رقم (64):
{إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64)}(64)- وَهَذَا الذِي أَخْبَرْنَاكَ بِهِ يَا مُحَمَّدُ مِنْ أَحَادِيثِ أَهْلِ النَّارِ وَتَخَاصُمِهِمْ وَتَلاعُنِهِمْ، لَحَقٌّ وَلا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقَع.
.تفسير الآية رقم (65):
{قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65)}{الواحد}(65)- قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلاءِ المُكَذِّبِينَ مِنْ مُشْرِكِي مَكَّةَ: إِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُرْسَلٌ مِنَ اللهِ إِلَيْكُمْ لأُحَذِّرَكُمْ مُخَالَفَةَ أوَامِرِهِ حَتَّى لا يَحْلَّ بِكُمُ العَذَابُ مِثْلَمَا حَلَّ بِالأُمَمِ السَّابِقَةِ مِنْ قَبْلِكُمْ كَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ لُوطٍ.. وَلَسْتُ بِالسَّاحِرِ وَلا بِالكَذَّابِ، حِينَمَا أقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ الوَاحِدُ الذِي لا شَرِيكَ لَهُ، وَلا مُعِينَ وَلا صَاحِبَةَ وَلا وَلَدَ، وَقَدْ قَهَرَ كُلَّ شَيءٍ وَغَلَبَهُ بِعِزَّتِهِ وَجَبَرُوتِهِ.
.تفسير الآية رقم (66):
{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66)}{السماوات} {الغفار}(66)- وَهُوَ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّهُمَا وَمَالِكُهُمَا، وَهُوَ العَزِيزُ الذِي لا يُغَالَبُ، الغَفُورُ الذِي يَتَجَاوَزُ عَنْ ذُنُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ، إِذَا تَابَ إِلَيْهِ وَأصْلَحَ وأَنَابَ.
.تفسير الآية رقم (67):
{قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67)}{نَبَأٌ}(67)- وَقُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: إِنَّ مَا جِئْتَهُمْ بِهِ، وَمَا يُعْرِضُونَ عَنْهُ هُوَ أَعْظَمُ وَأَكْبَرُ مِمَا يَظُنُّونَ، وَإِنَّ وَرَاءَهُ مَا وَرَاءَهُ.
.تفسير الآية رقم (68):
{أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68)}(68)- وَلَكِنَّكُمْ مُعْرِضُونَ عَنْهُ، لا تُفَكِّرُونَ فِيهِ، فَتَمَادَيْتُمْ فِي الغَفْلَةِ، وَالضَّلالَةِ والجَهَالَةِ.
.تفسير الآية رقم (69):
{مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69)}(69)- وَقُلْ لَهُمْ: إِنَّهُ لَوْلا مَا عَلَّمَنِي رَبِّي عَنْ طَرِيقِ الوَحْيِ، مَا كَانَ لِي أَنْ أَعْلَمَ شَيئاً مِنْ هَذَا الذِي ذَكَرْتُ مِنْ شَأْنِ المَلأِ الأَعْلَى: مِنْ أَمْرِ اللهِ لِلْمَلائِكَةِ بالسُّجُودِ لآدَمَ، وَامْتِنَاعِ إِبْلِيسَ عَنِ السُّجُودِ، وَأمرِ اللهِ لآدَمَ وَزَوْجِهِ وَإِبْلِيسَ بالهُبُوطِ إِلَى الأَرْضِ.المَلأِ الأَعْلَى- المَلائِكَةِ.يَخْتَصِمُونَ- يَتَجَادَلُونَ فِي آدَمَ وَخَلْقهِ.
.تفسير الآية رقم (70):
{إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70)}(70)- مَا يُوحَى إِلَيَّ إِلا أَنَّني رَسُولٌ أُبْلِغُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي بِأَبْيَنِ عِبَارَةٍ وَأَوْضَحِ قَوْلٍ.
.تفسير الآية رقم (71):
{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71)}{لِلْمَلائِكَةِ} {خَالِقٌ}(71)- وَاذْكُر لَهُمْ حِينَ أَعْلَمَ رَبُّكَ المَلائِكَةَ- قَبْلَ خَلْقِ آدَمَ- بِأَنَّهُ سَيَخْلُقُ بَشَرَاً مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمأٍ مَسْنُونٍ.
.تفسير الآية رقم (72):
{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72)}{سَاجِدِينَ}(72)- وَأَمَرَهُم اللهُ تَعَالَى بالسُّجُودِ لِهَذَا البَشَرِ، مَتَى أَتَمَّ اللهُ تَعَالَى خَلْقَهُ، وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ، تَعْظِيماً لَهُ وَتَكْرِيماً.سَوَّيْتُهُ- أَتْمَمْتُ خَلْقَهُ بالصُّورَةِ الإِنْسَانِيَّةِ.سَاجِدِينَ- تَحِيَّةً لَهُ وَتَكْرِيماً.
.تفسير الآية رقم (73):
{فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73)}{الملائكة}(73)- فَامْتَثَلَتِ المَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ لأَمْرِ رَبِّهِمْ فَسَجَدُوا لآدَمَ تَعْظِيماً وَتَكْرِيماً.
.تفسير الآية رقم (74):
{إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74)}{الكافرين}(74)- وَلَمْ يَرْفٌضِ الامْتِثَالَ لأَمْرِ اللهِ تَعَالَى لِلمَلائِكَةِ بالسُّجُودِ لآدَمَ إِلا إِبْلِيس، وَلَمْ يَكُنْ هُوَ مِنْ جِنْسِ المَلائِكَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ مِنَ الجِنِّ، كَمَا جَاءَ فِي آيَةٍ أُخْرَى، فَاسْتَنْكَفَ عَنِ السُّجُودِ تَكَبُّراً فَكَفَرَ بِهَذَا التَّكَبرِ وَالبَغْضَاءِ.
