الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنافة فيما جاء في الصدقة والضيافة (نسخة منقحة)
.الحديث السابع عشر: والظاهر أن التقيد بالثلاثة من قومه في الفاقة إشارة إلى أن المعتبر فيها حرف أهل المحل الذي هو فيه، لكن ضبطه الفقهاء بما سيأتي نظرا منهم إلى أن ما ضبطوه به هو عرف أكثر الناس، والحديث الثاني، والعشرون يدلان لما ضبطوه به كما مر. .الحديث الثامن عشر: .الحديث التاسع عشر: .الحديث العشرون: .الحديث الحادي والعشرون: .الحديث الثاني والعشرون: .الحديث الثالث والعشرون: .الحديث الرابع والعشرون: .الحديث الخامس والعشرون: .الحديث السادس والعشرون: .الحديث السابع والعشرون: .الحديث الثامن والعشرون: .الحديث التاسع والعشرون: .الحديث الثلاثون: .الفصل الرابع: في آداب السؤال: .الحديث الأول: .الحديث الثاني: .الحديث الثالث: .الحديث الرابع: .الحديث الخامس: .الحديث السادس: .الحديث السابع: .الحديث الثامن: .الحديث التاسع: .الحديث العاشر: .الحديث الحادي عشر: .الحديث الثاني عشر: .الحديث الثالث عشر: .الحديث الرابع عشر: وأخرج ابن سعد وأبو يعلى والطبراني عن أم حكيم رضي الله تعالى عنهاك أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «جزاء الغني من الفقير النصيحة والدعاء». .الباب الرابع: صدقة التطوع: .[صدقة التطوع والقرض]: ثم رأيتني ذكرت في حاشية العباب ما يوافق ذلك، حيث قلت عقب قولهم القرض قربة لأنه فيه إعانة على كسب، قربة غالبا، نعم إن غلب على ظن المقرض أن المقترض يصرف ما اقترضه في معصية أو مكروه، لم يكن قربة، كما يأتي في الشهادات، مع بيان أنه إنما يجوز الإقتراض لمن علم من نفسه الوفاء، أي بأن كان له جهة ظاهرة وعزم على الوفاء منها، وغلا لم يجز، إلا يعلم المقرض أنه عاجز عن الوفاء، ويعطيه فلا يحرم وأن الحق له فقد أسقطه بإعطائه مع علمه بحاله، فعلم أنه لا يحل لفقير إظهار الغنى عند الإقتراض لأن فيه تغريرا للمقرض كما في المضطر، والاقتراض كعادم للمال إذا وهب له. وقد يحرم القرض كأن يعلم المقرض من الآخذ أنه يصرف ما اقترضه في معصية، قلته تخريجا ثم رأيت بعضهم صرح به فقال: وقد يكره كما إذا غلب على ظنه أنه ينفقه في مكروه، ويحرم كما إذا غلب أنه يصرفه في معصية. انتهت عبارة الحاشية المذكورة مع بعض زيادة عليها. وبه يعلم أن المتصدق لو علم من الفقير صرف ما يأخذه في مكروه، كرهت الصدقة عليه، حيث عرض للصدقة ما صيرها مكروهة، كما عرض لها ما صيرها محرمة. صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «رأيت مكتوبا على باب الجنة ليلة أسري بي، الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر، فقلت يا جبريل: ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ قال: لأن للإنسان أن يسأل وعنده، ولا يقترض إلا من حاجة؟». لكن قد يعارض الحديثين خبر ابن ماجة أيضا، وابن حبان في صحيحه عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «من أقرض مسلما درهما مرتين، كان له كأجر صدقة مرة». .[فضل القرض]: وكذا قال ابن عباس، وأبو الدرداء رضي الله تعالى عنهم. وذهب ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: إلى الأخذ بالحديثين الأولين، فإنه فرق بين الصدقة بأنها إنما يكتب أجرها حين التصدق، وهو يكتب ما دام عند المقرض، على أن هذا إن صح عنه كان في حكم المرفوع، لأنه ما يقال من قبل الرأي وعليه يكون نصا صريحا في أفضلية القرض عليها. ولك أن تسلك طريقا وسطا في الجمع بين تلك الأحاديث بأن تحمل الخبر المقتضى لأفضلية الصدقة على ما إذا وقعت في يد محتاج، والقرض في يد محتاج، على خلاف الطالب، ويدل عليه الحديث الثاني، وتعليلهم أخذا منه أفضلية القرض بأن لا يقع إلا في يد محتاج، بخلاف الصدقة. وعليه ينتج من ذلك أن الذي يقع منهما في يد محتاج أفضل من غيره، وعليه يحمل الخبر المقتضي لأفضلية الصدقة، والخبر المقتضي لأفضلية القرض، أما إذا وقع كلا بيد محتاج أو بيد غير محتاج، فظاهر أن الصدقة أفضل، إذ لا بدل لها بخلاف القرض، هذا هو الذي يتجه في هذا المحل، ولم أر من صرح بشيء منه، ثم رأيت البلقيني تعرض لنحو ما ذكرته مع زيادة فقال: الذي يظهر في هذه المسألة أن يقال: الآيات في الحث على الصدقات معلومة كآية: «فَلا اقتَحَمَ العَقَبَةَ وَما أَدراكَ ما العَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَو إِطعامٌ في يَومٍ ذي مَسغَبَةٍ، يَتيماً ذا مَقربَةٍ» فلم يذكر إلا الإعتاق والصدقة. وفي الصحيحين: أن ميمونة لما أعتقت وليدة لها، قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: «لو أعطيتها أخوالك، كان أعظم لأجرك». وقد تجب الصدقة كأن وجد مضطرا، ومعه ما يطعمه، فاضلا عن نظير ما علمته في القرض من وجوبه. فإن قلت كيف يتصور وجوب الصدقة للمضطر مع قولهم يلزم معه طعام لم يحتج إليه حالا، وهناك مضطر بذلة ولو ذميا، وإن احتاجه مالا يعوض ولو نسيئة لمعسر لا مجانا. قلت يتصور ذلك في حق حيوان مضطر لا مالك له، وكذا مضطر لا يمكنه التزام العوض، لنحو صبي، أو جنون، أو إغماء، فيجب البذل له مجانا على ما قاله جمع، ويؤيده قولهم: يجب على القادر المبادرة إلى تخليص المشرف من ماء ونار مجانا، لأنه لا يجوز التأخير إلى تقدير الأجرة انتهى. فكذلك في نحو الصبي أو المجنون المضطر، لا يجوز تأخير طعامه إلى تقدير بدله، فوجب بذلك له مجانا على ما في ذلك مما بينه آخر الأطعمة في شرح الإرشاد. واتضح قول من قال بوجوب الصدقة على المضطر، إن أراد هذه الحالة وإلا لم يصح إطلاقه لما علمت من تصريحهم بما يرده، فتأمل ذلك فإنه مهم، وعلم بما تقرر أن كلا من الصدقة والقرض يكون سنة وهو الأصل فيهمان وقد يعرض لكل الوجوب والكراهة والحرمة، وخلاف الأولى، بأن ظن من الآخذ الصرف في واحد من هذه، إذ الوسائل حكم المقاصد، وسيأتي صور أخرى. تنبيه: مر في بعض تلك الأحاديث ما صرح بتفضيل القرض على الصدقة، وبذلك صرح ابن الرفعة في الكفاية وغيره لخبر البيهقي مرفوعا: «قرض الشيء من صدقته». ولخبر ابن ماجة ولكن بسند ضعيف عن أنس رضي الله تعالى عنه: أن النبي. والصدقة والقرض يختلف التفضيل منهما، باعتبار الأحوال، فإذا علم احتياج الفقير ونحوه، فصدقة التطوع عليه أفضل من القرض له أو لغيره. وإذا لم تعلم حاجته، وإنما أعطيت السائل وأنت شاك في حاله، وآخر طالب لقرض نظير لذلك، ولا تعلم من حالهما اختلاف، إلا مجرد الطلب، فها هنا يفضل القرض على الصدقة، فمثلا بالغالب في طلب الصدقة وطلب القرض. وعلى هذا ينزل حديث أنس، أي السابق هذا بالنسبة لحال الآخذ وإما بالنسبة لحال المعطي، ووجه عن الشيء لله تعالى فحاله أفضل من حال المقرض الذي لم يخرج عن الذي أقرضه، وإنما هو طالب رده، فإذا أقرضه مرتين، كان حاله في ذلك، كحال المتصدق نظرا إلى أنه راغب في إقراضه، فحاله في الأول اقتضى حصول نصف أجر الصدقة، نظرا إلى أنه راغب في إقراضه، وحاله في الثاني اقتضى حصوله النصف الثاني. على هذا ينزل حديث ابن مسعود على تقدير العمل به، ويكون حديث ابن أنس بالنسبة إلى حال الآخذ، وحديث ابن مسعود إلى حال المعطي. وإذا نزل على ذلك انتفى التعارض بهذا الجمع. والذي يقتضيه مجرى الكلام للشافعي رضي الله تعالى عنه، أن أصل صدقة التطوع أفضل من القرض، فإذا ترجح باحتياج ونحوه صار إليه. وللقرض عموم من وجه آخر، وهو دخوله مال غير المكلف خلاف صدقة التطوع، ولصدقة التطوع رجحان من وجوه كثيرة، والمعتمد ما قدمته، انتهى. فإن قلت ما حكمة كون درهم القرض بثمانية عشر، وهلا كان بعشرين لأنه ضعفا الصدقة على ما مر؟. قلت: لما كان في القرض رد مثل ذلك الدرهم، لم يبق في مقابله شيء، فيكون الباقي محض المضاعفة، وقد علم من كونه ضعفي درهم الصدقة أنه بدرهمين أصالة، وبثمانية عشر مضاعفة، لأنه من كون الحسنة بعشرة أمثالها، أن المضاعفة تسعة، ومن كونها بعشرين أن المضاعفة بثمانية عشر، فلما رد الدرهم، سقط مقابله وهو اثنان من العشرين، فبقي ثمانية عشر.
|