الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)
.الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي مُبْطِلَاتِهِ: الْأَوَّلُ مُبَاشَرَةُ النِّسَاءِ: وَفِي الْكِتَابِ إِذَا جَامَعَ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا نَاسِيًا أَوْ مُتَعَمِّدًا فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَيَبْتَدِئُهُ وَقَالَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَخَالَفَ (ش) فِي الْوَطْءِ سَاهِيًا لِأَنَّهُ عَلَى أَصْلِهِ لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد} فَنَهَى عَنْ مُطْلَقِ الْمُبَاشَرَةِ فَيَعُمُّ قَالَ سَنَدٌ إِنْ وَقَعَ اللَّمْسُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِجْمَاعًا وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ وَلَوْ مَرِضَ الْمُعْتَكِفُ فَبَاشَرَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فَخَرَجَتْ فَوَطِئَهَا زَوْجُهَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مُبِيحٌ لِلْمُبَاشَرَةِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ وَلَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً كَمَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ مَعَ الْإِكْرَاهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي حَوَائِجِهَا وَتَصْنَعَ مَا أَرَادَتْ إِلَّا الْمُبَاشَرَةَ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ لِلِاشْتِغَالِ بِالْمَسْجِدِ وَقَدْ فَاتَتْ وَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ لِبَقَاءِ حُرْمَةِ الِاعْتِكَافِ وَفِي الْكِتَابِ تَأْكُلُ امْرَأَتُهُ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَتُحَدِّثُهُ وَتُصْلِحُ شَأْنَهُ مَا لَمْ يَلْتَذَّ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا. وَفِي الْجَوَاهِرِ الثَّانِي وَالثَّالِثُ: الرِّدَّةُ وَالسُّكْرُ قَارَنَا الِابْتِدَاءَ أَوْ طَرَيَا وَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ. الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ: الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ يُوجِبَانِ الْبِنَاءَ دُونَ الِاسْتِئْنَافِ وَقَالَ سَنَدٌ: إِنْ كَانَ فِي عَقْلِهِ عِنْدَ الْفَجْرِ أَوْ أَكْثَرِ النَّهَارِ أَجْزَأَهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ. السَّادِسُ: فِي الْجَوَاهِرِ الْكَبِيرَةُ مُبْطِلَةٌ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَإِنْ صَحَّ الصَّوْمُ كَالْقَذْفِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ الِاعْتِكَاف غَايَة التبتل لِلْعِبَادَةِ فتنا فِيهِ الْمَعْصِيَةُ كَمَا قُلْنَا إنَّ الْمَطْلُوبَ مِنَ الصَّلَاةِ الْخُشُوعُ وَالتَّذَلُّلُ لِلَّهِ تَعَالَى فَتَبْطُلُ بِالتَّكَبُّرِ الْمُنَافِي لَهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ قَالَ سَنَدٌ وَسَوَاءً سَكِرَ أَمْ لَا وَلَوْ شَرِبَ لَبَنًا أَوْ دَوَاءً مُخَدِّرًا فَسَكِرَ كَذَلِكَ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَخْرِيجَهُ عَلَى الْخَمْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِعَدَمِ الْعِصْيَانِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَرَأَى الْمَغَارِبَةُ أَنَّ الْكَبَائِرَ لَا تُبْطِلُهُ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ خِلَافًا لِلْبَغْدَادِيِّينَ. .الْفَصْلُ الْخَامِس: فِي نذر الِاعْتِكَاف: .الباب الْعَاشِرُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: قَاعِدَةٌ: الْأَصْلُ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَقِلَّتِهِمَا كَثْرَةُ الْمَصَالِحِ أَوِ الْمَفَاسِدِ أَوْ قِلَّتُهَا وَقَدْ يُفَضِّلُ اللَّهُ تَعَالَى أَحَدَ الْمُسْتَوِيَيْنِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ عَلَى الْآخَرِ كَالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ خُصُّوا بِالنُّبُوَّةِ وَالدَّرَجَاتِ الْعُلْيَا بِمُجَرَّدِ تَفْضِيلِهِ تَعَالَى وَإِلَّا فَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْبَشَرِ {إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مثلا لبني إِسْرَائِيل} جَرَّدَهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَحَصَرَهُ فِي الْعُبُودِيَّةِ الْمَحْضَة بقوله {إِن هُوَ إِلَّا عبد} ثُمَّ أَفَاضَ عَلَيْهِ نِعَمَهُ بِقَوْلِهِ {أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} وَكَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مَعَ سَائِرِ الْبِقَاعِ وَكَذَلِكَ الْأَزْمِنَةُ مُسْتَوِيَةٌ وَخَصَّ اللَّهُ تَعَالَى مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ لَا لِأَمْرٍ رُجِّحَ فِيهَا بَلْ بِمُجَرَّدِ الْفَضْلِ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ عَظِيمِ فَضْلِهِ الَّذِي لَا يُعْطِيهِ غَيْرُهُ وَلَا يَمْلِكُهُ سِوَاهُ. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي زَمَانِهَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ قَوْلًا قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ: الْأَوَّلُ لِابْنِ مَسْعُودٍ السَّنَةُ كُلُّهَا. وَقِيلَ رَمَضَانُ كُلُّهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن}. الثَّالِثُ لِابْنِ الزُّبَيْرِ لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْهُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفرْقَان} وَكَانَ ذَلِكَ فِيهَا. الرَّابِعُ لِأَبِي سَعِيدٍ إِحْدَى وَعِشْرُونَ لِرُؤْيَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ يَسْجُدُ فِي صَبِيحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ» وَكَانَ فِيهَا. الْخَامِسُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُوَيْسٍ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. السَّادِسُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ. السَّابِعُ لِأُبَيٍّ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ وَقَالَ أخبرنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ فِي صَبِيحَتِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا كَأَنَّ أَنْوَارَ الْخلق فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ تَغْلِبُهَا» وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّهَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَكَانَ يَقُولُ السُّورَةُ ثَلَاثُونَ كَلِمَةً فَإِذَا وَصَلْتَ إِلَى قَوْله تَعَالَى {هِيَ} فَهِيَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْهَا وَكَانَ يَقُولُ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ سَبْعٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {من سلالة من طين ثمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة فِي قَرَار مكين ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} وَيَأْكُل فِي سبع لقَوْله تَعَالَى {وأنبتنا فِيهَا حبا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِق غلبا وَفَاكِهَة وَأَبا} فَالْأَبُّ لِلْأَنْعَامِ وَالسَّبْعُ لِلْإِنْسَانِ وَيَسْجُدُ عَلَى سَبْعٍ وَالْأَرْضُونَ سَبْعٌ وَالسَّمَاوَاتُ سَبْعٌ وَالطَّوَافُ سَبْعٌ وَالْجِمَارُ سَبْعٌ. الثَّامِنُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ. التَّاسِعُ لِلْأَنْصَارِ أَنَّهَا فِي أَشْفَاعِ هَذِهِ الْأَفْرَادِ وَأَصْلُهُ عِنْدَهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اطْلُبُوهَا فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى» قَالُوا هِيَ لَيْلَةُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالْعَدَدِ مِنْكُمْ قَالَ سَنَدٌ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ وَ (ش) أَنَّهَا فِي جُمْلَةِ الْعَشْرِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُد قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التموسها فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ» قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ مَعْنَاهُ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى نُقْصَانِ الشَّهْرِ وَأَمَّا مَعَ تَمَامِهِ فَلَيْلَةُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتٍّ وَعِشْرِينَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَقِيلَ لِتِسْعٍ مَضَتْ وَسَبْعٍ مَضَتْ وَخَمْسٍ مَضَتْ. عُدَّتُ الْقَوْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ الثَّالِثَ عَشَرَ لَيْلَةُ النِّصْفِ قَالَ سَنَدٌ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَيُبْطِلُهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقدر} وقَوْله تَعَالَى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآن}. الرَّابِعَ عَشَرَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ هِيَ فِي الْعَشْرِ الْوَسَطِ مِنْ رَمَضَانَ. الْخَامِسَ عَشَرَ قَالَ سَنَدٌ قِيلَ ارْتَفَعَتْ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. .كِتَابُ الزَّكَاةِ: قَاعِدَةٌ: الْأَصْلُ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَالْعِقَاب أَو قلتهما وَقَدْ تَسْتَوِي مَصْلَحَةُ الْفِعْلَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَيُوجب الله تَعَالَى أَوْ عَلَيْهِ وَيَجْعَلُ ثَوَابَهُ أَتَمَّ أَجْرًا فَإِنَّ دِرْهَمًا مِنَ الزَّكَاةِ مُسَاوٍ فِي الْمَصْلَحَةِ لِدِرْهَمٍ من تَعَالَى أَن لَمْ يُوجِبْهُ لَتَقَاعَدَ الْأَغْنِيَاءُ عَنْ بِرِّ الْفُقَرَاءِ فِيهِ فيهلكوا وَعظم أجره ترغيباً فِي إكرامه وَدَفْعِهِ وَمِنْ تَفْضِيلِ التَّسَاوِي بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالصَّوْم فِي رَمَضَان فان كَانَ أَيَّامًا مِنْ غَيْرِهِ وَإِنَّ الْقِرَاءَةَ وَالْأَذْكَارَ فِي الْفَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ مِثْلِهَا فِي النَّفْلِ وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مَعَ سَائِرِ التَّكْبِيرَاتِ وَالْأَذْكَارِ فِي الْقُرْآنِ إِذَا قُصِدَ بِهَا غَيْرُ الْقُرْآنِ جَازَتْ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ بَلْ قَدْ يَكُونُ النَّفْلُ أَعْظَمَ مَصْلَحَةً مِنَ الْوَاجِبِ كَالتَّصَدُّقِ بِشَاةٍ سَمِينَةٍ وَالتَّزْكِيَةِ بِدُونِهَا وَالتَّصَدُّقِ بِحِقَّةٍ وَالتَّزْكِيَةِ بِبِنْتِ مَخَاضٍ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَتَمُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعْمُولٌ بِهِ إِذَا تَسَاوَى الْفَرْضُ وَالنَّفْلُ أَمَّا إِذَا تَفَاوَتَا بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ مِثْلَ التَّزْكِيَة بِشَاة وَالتَّصَدُّق بِعشْرَة الاوساة فَيحمل أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ أَفْضَلَ وَيُحْتَمَلُ الْعَكْسُ وَفِيهِ مُخَالفَة ظَاهر الحَدِيث وَلَيْسَ فِي الْتِزَام وَبعد كَثِيرٌ كَمَا فَضَّلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْأُمَّةَ مَعَ قِلَّةِ عَمَلِهَا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَسَائِرِ الْأُمَمِ وَالصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدَيْنِ عَلَى الصَّلَاةِ الْكَثِيرَةِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ. تَنْبِيهٌ: أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الزَّكَاةَ شُكْرًا لِلنِّعْمَةِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَسَدًّا لِخَلَّةِ الْفُقَرَاءِ وَكَمَّلَ هَذِهِ الْحِكْمَةَ بِتَشْرِيكِهِ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ فِي أَعْيَانِ الْأَمْوَالِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ حَتَّى لَا تَنْكَسِرَ قُلُوبُ الْفُقَرَاءِ بِاخْتِصَاصِ الْأَغْنِيَاءِ بِتِلْكَ الْأَمْوَالِ وَمُتَعَلَّقَاتُهَا فِي الشَّرْعِ سِتَّةٌ النَّقْدَانِ وَالْمَاشِيَةُ وَالْحَرْثُ وَالتِّجَارَةُ وَالْمَعَادِنُ وَالْفِطْرُ وَلَمْ يُوجِبْهَا فِي غير هَذَا من نفائس على الْأَمْوَال ركُوبه فَاكْتَفَى بِتَزْكِيَةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَإِنَّ الْغَالِبَ الرّفْع من النَّقْدَيْنِ فِي الْأَخْذ وَمِنَ الْحَرْثِ فِي الْأَرَاضِي وَأَمَّا الْجَوَاهِرُ فَلَا يملكهَا إِلَّا قَلِيل مِنَ النَّاسِ. تَمْهِيدٌ: قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ كُلُّ عَيْنٍ جَازَ بَيْعُهَا جَازَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِهَا قَالُوا يُشْكِلُ بِالدُّورِ وَالْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا يَجُوزُ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِهَا وَالْجَوَابُ أَنْ نَقُولَ كُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ أَنْ يَكُونَ تِجَارَةً وَكُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ تِجَارَةً جَازَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِهِ يَنْتُجُ كُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِهِ بِالضَّرُورَةِ وَلَمْ يَقُلْ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِيهِ وَإِنَّمَا قَالَ جَازَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِهِ. قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا كثير كفر وَمن أقرّ ومنعها ضرب أخذت مِنْهُ كُرْهًا فَإِنِ امْتَنَعَ فِي جَمَاعَةٍ وَقُوَّةٍ قُوتِلُوا حَتَّى تُؤْخَذَ كَمَا فَعَلَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ الله عَنهُ وَقَالَ ابْن حبيب من اعْتِرَاف بِالْوُجُوبِ وَامْتَنَعَ كَفَرَ كَمَا قَالَهُ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْكِتَابِ أَبْوَابٌ تِسْعَةٌ.
|