الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.الصوائف. وفي سنة ثمان وثلاثين ورد على دمياط اسطول الروم في مائة مركب فكبسوها وكانت المسلحة الذين بها قد ذهبوا إلى مصر باستدعاء صاحب المعونة عنسبة بن إسحق الضبي فانتهزوا الفرصة في مغيبهم وانتهبوا دمياط وأحرقوا الجامع بها وأوقروا سفنهم سبيا ومتاعا وذهبوا إلى تنيس ففعلوا فيها ذلك وأقطعوا وغزا بالصائفة في هذه السنة علي بن يحيى الأرميني صاحب الصوائف وفي سنة احدى وأربعين كان الفداء بين الروم وبين المسلمين وكانت تدورة ملكة الروم قد حملت أسرى المسلمين على التنصر فتنصر الكثير منهم ثم طلبت المفاداة فيمن بقي فبعث المتوكل سيفا الخادم بالفداء ومعه قاضي بغداد جعفر بن عبد الواحد واستخلف على القضاء ابن أبي الشوارب وكان الفداء على نهر اللامس ثم أغارت الروم بعد ذلك روبة فأسروا من كان هنالك من الزط وسبوا نساءهم وأولادهم ولما رجع علي بن يحيى الأرميني من الصائفة خرجت الروم في ناحية سمسياط فانتهوا إلى آمد واكتسحوا نواحي الثغور والخزرية نهبا وأسروا نحوا من عشرة آلاف ورجعوا واتبعهم قرشاس وعمر بن عبد الأقطع وقم من المتطوعة فلم يدركوهم وأمر المتوكل علي بن يحيى ان يدخل بالثانية في تلك السنة ففعل وفي سنة أربع وأربعين جاء المتوكل من بغداد إلى دمشق وقد اجتمع نزولها ونقل الكرسي إليها فأقام بها شهرين ثم استوبأها ورجع بعد أن بعث بغا الكبير في العساكر للصائفة فدخل بلاد الروم فدوخها واكتسحها من سائر النواحي ورجع وفي سنة خمس وأربعين أغارت الروم على سميساط فغنموا وغزا علي بن يحيى الأرميني بالصائفة كركرة وانتقض أهلها على بطريقهم فقبضوا عليه وسلموه إلى بعض موالي المتوكل فأطلق الروم في فداء البطريق ألف أسير من المسلمين وفي سنة ست وأربعين غزا عمر بن عبيد الله الأقطع بالصائفة فجاؤا بأربعة آلاف رأس وغزا قرشاس فجاء بخمسة آلاف رأس وغزا الفضل بن قاران في الأسطول بعشرين مركبا فافتتح حصن انطاكية وغزا ملكها دورهم وسبا وغزا علي بن يحيى فجاء بخمسة آلاف رأس ومن الظهر بعشرة آلاف وكان على يده في تلك السنة الفداء في ألفين وثلثمائة من الأسرى..الولاية في النواحي. ولى المتوكل سنة اثنتين على بلاد فارس محمد بن إبراهيم بن مصعب وكان على الوصل غانم بن حميد الطوسي واستوزر لأول خلافته محمد بن عبد الله بن الزيات وولى على ديوان الخراج يحيى بن خاقان الخراساني مولى الأزد وعزل الفضل بن مروان وولى على ديوان النفقات إبراهيم بن محمد بن حتول وولى سنة ثلاث وثلاثين على الحرمين واليمن والطائف ابنه المستنصر وعزل محمد بن عيسى وولى على حجابة بابه وصيفا الخادم عندما سار إيتاخ للحج وفي سنة خمس وثلاثين عهد لأولاده كما مر وولى على الشرطة ببغداد إسحق بن إبراهيم بن الحسين ابن مصعب مكان ابنه إبراهيم عندما توفي وكانت وفاته ووفاة الحسن بن سهل في سنة واحدة وفي سنة ست وثلاثين استكتب عبيد الله بن يحيى بن خاقان ثم استوزره بعد ذلك وولى على أرمينية وأذربيجان حربا وخراجا يوسف بن أبي سعيد محمد بن يوسف المروذوذي عندما توفي أبوه فجاءه فسار إليها وضبطها وأساء إلى البطارقة بالناحية فوثبوا به كما مر وقتلوه وبعث المتوكل بغا الكبير في العساكر فأخذ ثأره منهم وولى معادن السواد عبد الله بن إسحق بن إبراهيم وفي سنة تسع وثلاثين عزل ابن أبي دؤاد عن القضاء وصادره وولى مكانه يحيى بن أكثم وقدم محمد بن عبد الله بن طاهر من خراسان فولاه الشرطة والجزية وأعمال السواد وكان على مكة علي بن عيسى بن جعفر بن المنصور فحج بالناس ثم ولى مكانه في السنة القابلة عبد الله بن محمد بن داود بن عيسى بن موسى وولى على الأحداث بطريق والمواسم جعفر بن دينار وكان على حمص أبوا المغيب موسى بن إبراهيم الرافقي وثبوا به سنة تسع وثلاثين فولى مكانه محمد بن عبدويه وفي سنة تسع وثلاثين عزل يحيى بن أكثم عن القضاء وولى مكانه جعفر بن عبد الواحد بن جعفر بن سليمان وفي سنة اثنتين وأربعين ولى على مكة عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام وولى على ديوان النفقات الحسن بن مخلد بن الجراح عندما توفي إبراهيم بن العباس الصولي وكان خليفته فيها من قبل وفي سنة خمس وأربعين اختط المتوكل مدينته وأنزلها القواد والأولياء وأنفق عليها ألف ألف دينار وبنى فيها قصر اللؤلؤة لم ير مثله في علوه وأجرى له الماء في نهر احتفره وسماه المتوكلية وتسمى الجعفري والماخورة وفيها ولى على طريق مكة أبا الساج مكان جعفر بن دينار لوفاته تلك السنة وولى على ديوان الضياع والتوقيع نجاح بن سلمة وكانت له صولة على العمال فكان ينام المتوكل فسعى عنده في الحسن بن مخلد وكان معه ديوان االضياع ولى موسى بن عقبة عبد الملك وكان على ديوان الخراج وضمن للمتوكل في مصادرتهما أربعين ألفا وأذن المتوكل وكانا منقطعين إلى عبيد الله بن خاقان فتلطف عند نجاح وخادعه حتى كتب على الرقعتين وأشار إليه بأخذ ما فيها معا وبدأ بنجاح فكتبه وقبض منه مائة وأربعين ألف دينار سوى الغلات والفرش والضياع ثم ضرب فمات وصودر أولاده في جميع البلاد على أموال جمة.
|