الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: سيرة ابن هشام المسمى بـ «السيرة النبوية» **
قال ابن إسحاق : وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار ، فقال - فيما بلغنا ، ونعوذ بالله أن نقول عليه ما لم يقل - : تآخَوْا في الله أخوين أخوين ؛ ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب ، فقال : هذا أخي . فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين ، وإمام المتقين ، ورسول رب العالمين ، الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد ، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أخوين ؛ وكان حمزة بن عبدالمطلب ، أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وزيد بن حارثة ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أخوين ، وإليه أوصى حمزة يوم أحد حين حضره القتال إن حدث به حادث الموت ؛ وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين ، الطيار في الجنة ، ومعاذ بن جبل ، أخو بني سلمة ، أخوين . قال ابن هشام : وكان جعفر بن أبي طالب يومئذ غائبا بأرض الحبشة . قال ابن إسحاق : وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، ابن أبي قحافة ، وخارجة بن زهير ، أخو بلحارث بن الخزرج ، أخوين ؛ وعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وعتبان بن مالك ، أخو بني سالم بن عوف ابن عمرو بن عوف بن الخزرج ، أخوين ؛ وأبو عبيدة بن عبدالله بن الجراح ، واسمه عامر بن عبدالله ، وسعد بن معاذ بن النعمان ، أخو بني عبدالأشهل ، أخوين . وعبدالرحمن بن عوف ، وسعد بن الربيع ، أخو بلحارث بن الخزرج ، أخوين . والزبير بن العوام ، وسلامة بن سلامة ابن وقش ، أخو بني عبدالأشهل ، أخوين . ويقال : بل الزبير وعبدالله بن مسعود ، حليف بني زهرة ، أخوين . وعثمان بن عفان ، وأوس بن ثابت بن المنذر ، أخو بني النجار ، أخوين . وطلحة بن عبيد الله ، وكعب بن مالك ، أخو بني سلمة ، أخوين . وسعد بن زيد بن عمرو ابن نفيل ، وأُبي بن كعب ، أخو بني النجار : أخوين . ومصعب بن عمير بن هاشم ، وأبو أيوب خالد بن زيد ، أخو بني النجار : أخوين ؛ وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ، وعباد بن بشر بن وقش ، أخو بني عبدالأشهل : أخوين . وعمار بن ياسر ، حليف بني مخزوم ، وحذيفة بن اليمان ، أخو بني عبد عبس ، حليف بني عبدالأشهل : أخوين . ويقال : ثابت بن قيس بن الشماس ، أخو بلحارث بن الخزرج ، خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمار بن ياسر : أخوين . وأبو ذر ، وهو بُرير بن جنادة الغفاري ، والمنذر بن عمرو ، المُعْنِق ليموت ، أخو بني ساعدة بن كعب بن الخزرج : أخوين . قال ابن هشام : وسمعت غير واحد من العلماء يقول : أبو ذر ، جُنْدَب ابن جنادة . قال ابن إسحاق : وكان حاطب بن أبي بلتعة ، حليف بني أسد بن عبدالعزى ، وعويم بن ساعدة ، أخو بني عمرو بن عوف ، أخوين ؛ وسلمان الفارسي ، وأبو الدرداء ، عويمر بن ثعلبة ، أخو بلحارث بن الخزرج ، أخوين . قال ابن هشام : عويمر بن عامر ؛ ويقال : عويمر بن زيد . قال ابن إسحاق : وبلال ، مولى أبي بكر رضي الله عنهما ، مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو رُوَيحة ، عبدالله بن عبدالرحمن الخثعمي ، ثم أحد الفزع ، أخوين . فهؤلاء من سُمِّي لنا ، ممن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بينهم من أصحابه . فلما دوّن عمر بن الخطاب الدواوين بالشام ، وكان بلال قد خرج إلى الشام ، فأقام بها مجاهدا ، فقال عمر لبلال : إلى من تجعل ديوانك يا بلال ؟ قال : مع أبي رويحة ، لا أفارقه أبدا ، للأخوة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد بينه وبيني ، فضم إليه ، وضُم ديوان الحبشة إلى خثعم ، لمكان بلال منهم ، فهو في خثعم إلى هذا اليوم بالشام . قال ابن إسحاق : وهلك في تلك الأشهر أبو أمامة ، أسعد بن زرارة ، والمسجد يُبنى ، أخذته الذبحة أو الشهقة . قال ابن إسحاق : وحدثني عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن يحيى بن عبدالله بن عبدالرحمن بن أسعد بن زرارة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : بئس الميت أبو أمامة ، ليهود ومنافقي العرب يقولون : لو كان نبيا لم يمت صاحبه ، ولا أملك لنفسي ولا لصاحبي من الله شيئا . قال ابن إسحاق : وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري : أنه لما مات أبو أمامة ، أسعد بن زرارة ، اجتمعت بنو النجار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو أمامة نقيبهم ، فقالوا له : يا رسول الله ، إن هذا قد كان منا حيث قد علمت ، فاجعل منا رجلا مكانه يُقيم من أمرنا ما كان يقيم ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم : أنتم أخوالي ، وأنا بما فيكم ، وأنا نقيبكم ؛ وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخص بها بعضهم دون بعض . فكان من فضل بني النجار الذي يَعُدّون على قومهم ، أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نقيبهم . قال ابن إسحاق : فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، واجتمع إليه إخوانه من المهاجرين ، واجتمع أمر الأنصار ، استحكم أمر الإسلام ، فقامت الصلاة ، وفُرضت الزكاة والصيام ، وقامت الحدود ، وفرض الحلال والحرام ، وتبوأ الإسلام بين أظهرهم ، وكان هذا الحي من الأنصار هم الذين تبوءوا الدار والإيمان . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمها إنما يجتمع الناس إليه للصلاة مواقيتها ، بغير دعوة ، فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمها أن يجعل بوقا كبوق يهود الذين يدعون به لصلاتهم ، ثم كرهه ؛ ثم أمر بالناقوس ، فنحت ليضرب به للمسلمين للصلاة . فبينما هم على ذلك ، إذ رأى عبدالله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه ، أخو بلحارث بن الخزرج ، النداء ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : يا رسول الله ، إنه طاف بي هذه الليلة طائف : مر بي رجل عليه ثوبان أخضران ، يحمل ناقوسا في يده ، فقلت له : يا عبدالله ، أتبيع هذا الناقوس ؟ قال : وما تصنع به ؟ قال : قلت : ندعو به إلى الصلاة ، قال : أفلا أدلك على خير من ذلك ؟ قال : قلت : وما هو ؟ قال : تقول : الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله . فلما أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إنها لرؤيا حق ، إن شاء الله ، فقم مع بلال فألقها عليه ، فليؤذن بها ، فإنه أندى صوتا منك . فلما أذن بها بلال سمعها عمر بن الخطاب ، وهو في بيته ، فخرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يجر رداءه ، وهو يقول : يا نبي الله ، والذي بعثك بالحق ، لقد رأيت مثل الذي رأى ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلله الحمد على ذلك . قال ابن إسحاق : حدثني بهذا الحديث محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن محمد بن عبدالله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه ، عن أبيه . قال ابن هشام : وذكر ابن جريج ، قال لي عطاء : سمعت عبيد بن عمير الليثي يقول : ائتمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالناقوس للاجتماع للصلاة ، فبينما عمر بن الخطاب يريد أن يشتري خشبتين للناقوس ، إذ رأى عمر بن الخطاب في المنام : لا تجعلوا الناقوس ، بل أذنوا للصلاة . فذهب عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليخبره بالذي رأى ، وقد جاء النبيَّ صلى الله عليه وسلم الوحي بذلك ، فما راع عمر إلا بلال يؤذن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخبره بذلك : قد سبقك بذلك الوحي . قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير ، عن امرأة من بني النجار ، قالت : كان بيتي من أطول بيت حول المسجد ، فكان بلال يؤذن عليه الفجر كل غداة ، فيأتي بسحر ، فيجلس على البيت ينتظر الفجر ، فإذا رآه تمطى ، ثم قال : اللهم إني أحمدك وأستعينك على قريش أن يُقيموا على دينك . قالت : والله ما علمته كان يتركها ليلة واحدة . قال ابن إسحاق : فلما اطمأنت برسول الله صلى الله عليه وسلم داره ، وأظهر الله بها دينه ، وسره بما جمع إليه من المهاجرين والأنصار من أهل ولايته ، قال أبو قيس صرمة بن أبي أنس ، أخو بني عدي بن النجار . - قال ابن هشام : أبو قيس ، صرمة بن أبي أنس بن صرمة بن مالك ابن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار . قال ابن إسحاق : وكان رجلا قد ترهب في الجاهلية ، ولبس المسوح ، وفارق الأوثان ، واغتسل من الجنابة وتطهر من الحائض من النساء ، وهمّ بالنصرانية ، ثم أمسك عنها ، ودخل بيتا له ، فاتخذه مسجدا لا تدخله عليه فيه طامث و لا جنب ، وقال : أعبد رب إبراهيم ، حين فارق الأوثان وكرهها ، حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فأسلم وحسن إسلامه ، وهو شيخ كبير ، وكان قوالا بالحق ، معظما لله عز وجل في جاهليته ، يقول أشعارا في ذلك حسانا - وهو الذي يقول : يقول أبو قيس وأصبح غاديا : * ألا ما استطعتم من وصاتي فافعلوا فأوصيكم بالله والبر والتقى * وأعراضكم ، والبر بالله أول وإنْ قومكم سادوا فلا تحسدنهم * وإن كنتم أهل الرياسة فاعدلوا وإن نزلت إحدى الدواهي بقومكم * فأنفسكم دون العشيرة فاجعلوا وإن ناب غرم فادح فارفقوهم * وما حمَّلوكم في الملمات فاحملوا وإن أنتم أمعرتمُ فتعففوا * وإن كان فضل الخير فيكم فأفضلوا قال ابن هشام : ويُروى : وإن ناب أمر فادح فارفدوهمُ * قال ابن إسحاق : وقال أبو قيس صرمة أيضا : سبِّحوا الله شرق كل صباح * طلعت شمسه وكل هلالِ عالم السر والبيان لدينا * ليس ما قال ربنا بضلال وله الطير تستريد وتأوي * في وكور من آمنات الجبال وله الوحش بالفلاة تراها * في حقاف وفي ظلال الرمال وله هوّدت يهود ودانت * كل دين إذا ذكرتَ عُضال وله شمّس النصارى وقاموا * كل عيد لربهم واحتفال وله الراهب الحبيس تراه * رهن بُؤس وكان ناعم بال يا بَنيَّ الأرحامَ لا تقطعوها * وصِلُوها قصيرة من طوال واتقوا الله في ضعاف اليتامى * ربما يُستحل غيرُ الحلال واعلموا أن لليتيم وليا * عالما يهتدي بغير السؤال ثم مالَ اليتيم لا تأكلوه * إن مال اليتيم يرعاه والي يا بَنيّ ، التخوم لا تخزلوها * إن خزل التخوم ذو عُقَّال يا بني الأيام لا تأمنوها * واحذروا مكرها ومر الليالي واعلموا أن مَرّها لنفاد الْ * خلق ما كان من جديد وبالي واجمعوا أمركم على البر والتَّقْ * وى وترك الخنا وأخذ الحلال وقال أبو قيس صرمة أيضا ، يذكر ما أكرمهم الله تبارك وتعالى به من الإسلام ، وما خصهم الله به من نزول رسوله صلى الله عليه وسلم عليهم : ثوى في قريش بضع عشرة حجة * يذكِّر لو يلقى صديقا مُواتيا ويعرض في أهل المواسم نفسه * فلم ير من يُؤوي ولم ير داعيا فلما أتانا أظهر الله دينه * فأصبح مسرورا بطيبة راضيا وألفى صديقا واطمأنت به النوى * وكان له عونا من الله باديا يقص لنا ما قال نوح لقومه * وما قال موسى إذ أجاب المناديا فأصبح لا يخشى من الناس واحدا * قريبا ولا يخشى من الناس نائيا بذلنا له الأموال من حلّ مالنا * وأنفسنا عند الوغى والتآسيا ونعلم أن الله لا شيء غيره * ونعلم أن الله أفضل هاديا نعادي الذي عادى من الناس كلهم * جميعا وإن كان الحبيب المصافيا أقول إذا أدعوك في كل بيعة : * تباركت قد أكثرتُ لاسمك داعيا أقول إذا جاوزت أرضا مخوفة : * حنانيك لا تُظهر علي الأعاديا فطأْ معرضا إن الحتوف كثيرة * وإنك لا تُبقي لنفسك باقيا فوالله ما يدري الفتى كيف يتقي * إذا هو لم يجعل له الله واقيا ولا تحفِلُ النخل المُعيمة ربها * إذا أصبحت ريّا وأصبح ثاويا قال ابن هشام : البيت الذي أوله : فطأ معرضا إن الحتوف كثيرة والبيت الذي يليه : فوالله ما يدري الفتى كيف يتقي لأفنون التغلبي ، وهو صُريم بن معشر ، في أبيات له .
|