الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: سيرة ابن هشام المسمى بـ «السيرة النبوية» **
قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه ، أو وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، أن يخلي سبيل زينب إليه ، أو كان فيما شرط عليه في إطلاقه ، ولم يظهر ذلك منه ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلم ما هو ، إلا أنه لما خرج أبو العاص إلى مكة وخُلِّي سبيله ، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار مكانه ، فقال : كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زينب ، فتصحباها حتى تأتياني بها . فخرجا مكانهما ، وذلك بعد بدر بشهر أو شَيْعِه ، فلما قدم أبو العاص مكة أمرها باللحوق بأبيها ، فخرجت تجهز . قال ابن إسحاق : فحدثني عبدالله بن أبي بكر ، قال : حُدثت عن زينب أنها قالت : بينا أنا أتجهز بمكة للحوق بأبي لقيتني هند بنت عتبة ، فقالت : يا بنت محمد ، ألم يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك ؟ قالت : فقلت : ما أردت ذلك ؛ فقالت : أي ابنة عمي ، لا تفعلي ، إن كانت لك حاجة بمتاع مما يرفق بك في سفرك ، أو بمال تتبلَّغين به إلى أبيك ، فإن عندي حاجتك ، فلا تضطني مني ، فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال . قالت : والله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل ، قالت : ولكني خفتها ، فأنكرت أن أكون أريد ذلك ، وتجهزت . فلما فرغت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهازها قدَّم لها حموها كنانة بن الربيع أخو زوجها بعيرا ، فركبته ، وأخذ قوسه وكنانته ، ثم خرج بها نهارا يقود بها ، وهي في هودج لها . وتحدث بذلك رجال من قريش ، فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذى طُوى ، فكان أول من سبق إليها هبَّار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبدالعزى ، والفهري ؛ فروّعها هبار بالرمح وهي في هودجها ، وكانت المرأة حاملا - فيما يزعمون - فلما ريعت طرحت ذا بطنها ، وبرك حموها كنانة ، ونثر كنانته ، ثم قال : والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهما ، فتكركر الناس عنه . وأتى أبو سفيان في جلة من قريش فقال : أيها الرجل ، كف عنا نبلك حتى نكلمك ، فكف ؛ فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه ، فقال : إنك لم تصب ، خرجت بالمرأة على رؤوس الناس علانية ، وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا ، وما دخل علينا من محمد ، فيظن الناس إذا خرجت بابنته إليه علانية على رؤوس الناس من بين أظهرنا ، أن ذلك عن ذل أصابنا عن مصيبتنا التي كانت ، وأن ذلك منا ضعف ووهن ، ولعمري ما لنا بحبسها عن أبيها من حاجة ، وما لنا في ذلك من ثُوْرة ، ولكن ارجع بالمرأة ، حتى إذا هدأت الأصوات ، وتحدث الناس أن قد رددناها ، فسُلَّها سرا ، وألحقها بأبيها ؛ قال : ففعل . فأقامت ليالي ، حتى إذا هدأت الأصوات خرج بها ليلا حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه ، فقدما بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن إسحاق : فقال عبدالله بن رواحة ، أو أبو خيثمة ، أخو بني سالم بن عوف ، في الذي كان من أمر زينب - قال ابن هشام : هي لأبي خيثمة - : أتاني الذي لا يُقدر الناس قدره * لزينب فيهم من عقوق ومأثم وإخراجها لم يخُز فيها محمد * على مأقط وبيننا عطر منشم وأمسى أبوسفيان من حلف ضمضم *ومن حربنا في رغم أنف ومندم قرنَّا ابنه عمرا ومولى يمينه * بذي حَلَق جلد الصلاصل محُكم فأقسمت لا تنفك منا كتائب * سراة خميس في لهُام مُسوَّمِ نزوع قريش الكفر حتى نعلَّها * بخاطمة فوق الأنوف بميسم ننزّلهم أكناف نجد ونخلة * وإن يُتهموا بالخيل والرجل نتهم يد الدهر حتى لا يعوَّج سِرْبُنا * و نلحقهم آثار عاد وجرهم ويندم قوم لم يطيعوا محمدا * على أمرهم وأي حين تندُّم فأبلغ أبا سفيان إما لقيته * لئن أنت لم تخلص سجودا وتسلم فأبشر بخزي في الحياة معجَّل * وسربال قار خالدا في جهنم قال ابن هشام : ويروى : وسربال نار . الخلاف بين ابن إسحاق و ابن هشام في مولى يمين أبي سفيان قال ابن إسحاق : ومولى يمين أبي سفيان ، الذي يعني : عامر بن الحضرمي : كان في الأسارى ، وكان حِلْف الحضرمي إلى حرب بن أمية . قال ابن هشام : مولى يمين أبي سفيان ، الذي يعني : عقبة بن عبدالحارث بن الحضرمي ، فأما عامر بن الحضرمي فقتل يوم بدر . ولما انصرف الذين خرجوا إلى زينب لقيتهم هند بنت عتبة ، فقالت لهم : أفي السلم أعيار جفاء وغلظة * وفي الحرب أشباه النساء العواركِ وقال كنانة بن الربيع في أمر زينب ، حين دفعها إلى الرجلين : عجبت لهبار وأوباش قومه * يريدون إخفاري ببنت محمد ولست أبالي ما حييت عديدهم * وما استجمعت قبضا يدي بالمهند قال ابن إسحاق : حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن بكير بن عبدالله بن الأشج ، عن سليمان بن يسار ، عن أبي إسحاق الدوسي ، عن أبي هريرة ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية أنا فيها ، فقال لنا : إن ظفرتم بهبار بن الأسود ، أو الرجل الآخر الذي سبق معه إلى زينب - قال ابن هشام : وقد سمى ابن إسحاق الرجل في حديثه ، وقال : هو نافع بن عبد قيس - فحرقوهما بالنار . قال : فلما كان الغد بعث إلينا ، فقال : إني كنت أمرتكم بتحريق هذين الرجلين إن أخذتموهما ، ثم رأيت أنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بالنار إلا الله ، فإن ظفرتم بهما فاقتلوهما . المسلمون يستولون على مال لأبي العاص ، وقدومه لاسترداده ، و إجارة زينب له قال ابن إسحاق : وأقام أبو العاص بمكة ، وأقامت زينب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، حين فرق بينهما الإسلام ، حتى إذا كان قبيل الفتح ، خرج أبو العاص تاجرا إلى الشام ، وكان رجلا مأمونا ، بمال له وأموال لرجال من قريش ، أبضعوها معه ، فلما فرغ من تجارته وأقبل قافلا ، لقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأصابوا ما معه ، وأعجزهم هاربا ، فلما قدمت السرية بما أصابوا من ماله ، أقبل أبوالعاص تحت الليل حتى دخل على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستجار بها ، فأجارته ، وجاء في طلب ماله ، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح - كما حدثني يزيد بن رومان - فكبر وكبر الناس معه ، صرخت زينب من صُفَّة النساء : أيها الناس ، إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع قال : فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة أقبل على الناس ، فقال : أيها الناس ، هل سمعتم ما سمعت ؟ قالوا : نعم ؛ قال : أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء من ذلك حتى سمعت ما سمعتم ، إنه يجير على المسلمين أدناهم ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل على ابنته ، فقال : أي بُنيَّة ، أكرمي مثواه ، ولا يخلصن إليك ، فإنك لا تحلين له قال ابن إسحاق : وحدثني عبدالله بن أبي بكر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى السرية الذين أصابوا مال أبي العاص ، فقال لهم : إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم ، و قد أصبتم له مالا ، فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له ، فإنا نحب ذلك ، وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم ، فأنتم أحق به ؛ فقالوا : يا رسول الله ، بل نرده عليه ، فردوه عليه ، حتى إن الرجل ليأتي بالدلو ، ويأتي الرجل بالشَّنَّة وبالإداوة ، حتى إن أحدهم ليأتي بالشِّظاظ ، حتى ردوا عليه ماله بأسره ، لا يفقد منه شيئا ثم احتمله إلى مكة ، فأدى إلى كل ذي مال من قريش ماله ، ومن كان أبضع معه ، ثم قال : يا معشر قريش ، هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه ؛ قالوا : لا ، فجزاك الله خيرا ، فقد وجدناك وفيا كريما ، قال : فأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوف أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم ، فلما أداها الله إليكم وفرغت منها أسلمت ، ثم خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن إسحاق : وحدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب على النكاح الأول لم يحُدث شيئا بعد ست سنين . قال ابن هشام : وحدثني أبو عبيدة : أن أبا العاص بن الربيع لما قدم من الشام ومعه أموال المشركين ، قيل له : هل لك أن تسلم وتأخذ هذه الأموال ، فإنها أموال المشركين ؟ فقال أبو العاص : بئس ما أبدأ به إسلامي أن أخون أمانتي . قال ابن هشام : وحدثني عبدالوارث بن سعيد التنوري ، عن داود بن أبي هند ، عن عامر الشعبي ، بنحو من حديث أبي عبيدة ، عن أبي العاص . قال ابن إسحاق : فكان ممن سُمِّي لنا من الأسارى ممن مُنَّ عليه بغير فداء ، من بني عبد شمس بن عبد مناف : أبو العاص بن الربيع بن عبدالعزى بن عبد شمس ، منَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بفدائه . ومن بني مخزوم بن يقظة : المطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيدة بن عمر بن مخزوم ، كان لبعض بني الحارث بن الخزرج ، فَتُرك في أيديهم حتى خلوا سبيله . فلحق بقومه . قال ابن هشام : أسره خالد بن زيد ، أبو أيوب الأنصاري ، أخو بني النجار . قال ابن إسحاق : وصيفي بن أبي رفاعة بن عابد بن عبدالله بن عمر بن مخزوم ، تُرك في أيدي أصحابه ، فلما لم يأت أحد في فدائه أخذوا عليه ليبعثن إليهم بفدائه ، فخلوا سبيله ، فلم يف لهم بشئ ؛ فقال حسَّان بن ثابت في ذلك : وما كان صيفي لِيُوفي ذمة * قفا ثعلب أعيا ببعض الموارد قال ابن هشام : وهذا البيت في أبيات له . قال ابن إسحاق : وأبو عزة ، عمرو بن عبدالله بن عثمان بن أهيب بن حذافة بن جمح ، كان محتاجا ذا بنات ، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، لقد عرفت ما لي من مال ، وإني لذو حاجة ، وذو عيال ، فامنن علي ؛ فمن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخذ عليه ألا يظاهر أحدا . . فقال أبو عزة في ذلك ، يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويذكر فضله في قومه : من مبلغ عني الرسول محمدا * بأنك حق والمليك حميدُ وأنت امرؤ تدعو إلى الحق والهدى * عليك من الله العظيم شهيد وأنت امرؤ بُوِّئْتَ فينا مَباءة * له درجات سهلة وصعود فإنك من حاربته لمحارب * شقي ومن سالمته لسعيد ولكن إذا ذُكِّرتُ بدرا وأهله * تأوَّب ما بي : حسرة وقعود قال ابن هشام : كان فداء المشركين يومئذ أربعة آلاف درهم للرجل ، إلى ألف ردهم ، إلا من لا شيء له ، فمنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه . قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير ، قال : جلس عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية بعد مصاب أهل بدر من قريش في الحجر بيسير ، وكان عمير بن وهب شيطانا من شياطين قريش ، وممن كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ويلقون منه عناء وهو بمكة ، وكان ابنه وهب بن عمير في أسارى بدر . قال ابن هشام : أسره رفاعة بن رافع أحد بني زريق . قال ابن إسحاق : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير ، قال : فذكر أصحاب القليب ومصابهم ، فقال صفوان : والله إن في العيش بعدهم خير ؛ قال له عمير : صدقت والله ، أما والله لولا دين علي ليس له عندي قضاء وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي ، لركبت إلى محمد حتى أقتله ، فإن لي قبلهم علة : ابني أسير في أيديهم ؛ قال : فاغتنمها صفوان وقال : علي دينك ، أنا أقضيه عنك ، وعيالك مع عيالي أُواسيهم ما بقوا ، لا يسعني شيء ويعجز عنهم ؛ فقال له عمير : فاكتم شأني وشأنك ؛ قال : أفعل . قال : ثم أمر عمير بسيفه ، فشُحذ له و سُمَّ ، ثم انطلق حتى قدم المدينة ؛ فبينا عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر ، ويذكرون ما أكرمهم الله به ، وما أراهم من عدوهم ، إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب حين أناخ على باب المسجد متوشحا السيف ، فقال : هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب ، والله ما جاء إلا لشر ، وهو الذي حرش بيننا ، وحَزَرنا للقوم يوم بدر . ثم دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله ، هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوشحا سيفه ؛ قال : فأدخله علي ، قال : فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلبَّبه بها ، وقال لرجال ممن كانوا معه من الأنصار : ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده ، واحذروا عليه من هذا الخبيث ، فإنه غير مأمون ؛ ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه ، قال : أرسله يا عمر ، ادن يا عمير ؛ فدنا ثم قال : إنعموا صباحا ، وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير ، بالسلام : تحية أهل الجنة ، فقال : أما والله يا محمد ، إن كنت بها لحديث عهد ؛ قال : فما جاء بك يا عمير ؟ قال : جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه ؛ قال : فما بال السيف في عنقك ؟ قال : قبحها الله من سيوف ، وهل أغنت عنا شيئا ؟ قال : اصدقني ، ما الذي جئت له ؟ قال : ما جئت إلا لذلك . قال : بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر ، فذكرتما أصحاب القليب من قريش ، ثم قلت : لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدا ، فتحمّل لك صفوان بدَيْنك وعيالك ، على أن تقتلني له ، والله حائل بينك وبين ذلك ؛ قال عمير : أشهد أنك رسول الله ، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء ، وما ينزل عليك من الوحي ، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان ، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله ، فالحمد لله الذي هداني للإسلام ، وساقني هذا المساق ، ثم شهد شهادة الحق . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقهوا أخاكم في دينه ، وأقرئوه القرآن ، وأطلقوا له أسيره ، ففعلوا . ثم قال : يا رسول الله ، إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله ، شديد الأذى لمن كان على دين الله عز وجل ، وأنا أحب أن تأذن لي ، فأقدم مكة ، فأدعوهم إلى الله تعالى ، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، و إلى الإسلام ، لعل الله يهديهم ، وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم ؟ قال : فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلحق بمكة . وكان صفوان بن أمية حين خرج عمير بن وهب ، يقول : أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام ، تنسيكم وقعة بدر ، وكان صفوان يسأل عنه الركبان ، حتى قدم راكب فأخبره عن إسلامه ، فحلف أن لا يكلمه أبدا ، ولا ينفعه بنفع أبدا . قال ابن إسحاق : فلما قدم عمير مكة ، أقام بها يدعو إلى الإسلام ، ويؤذي من خالفه أذى شديدا ، فأسلم على يديه ناس كثير . قال ابن إسحاق : وعمير بن وهب ، أو الحارث بن هشام ، قد ذُكر لي أحدهما ، الذي رأى إبليس حين نكص على عقبيه يوم بدر ، فقيل : أين ، أي سُراق ؟ ومثَلَ عدو الله فذهب ، فأنزل الله تعالى فيه : يقول الله تعالى : وصدق عدو الله ، رأى ما لم يروا ، وقال : قال ابن هشام : نكص : رجع . قال أوس بن حجر ، أحد بني أسيد ابن عمرو بن تميم : نكصتم على أعقابكم يوم جئتم * تُزَجُّون أنفال الخميس العرمرم وهذا البيت في قصيدة له . شعر حسَّان بن ثابت يفخر بقومه ويذكر خداع إبليس قريشا قال ابن إسحاق : وقال حسَّان بن ثابت : قومي الذين هم آووا نبيهم * وصدقوه وأهل الأرض كفارُ إلا خصائص أقوام هم سلف * للصالحين مع الأنصار أنصار مستبشرين بقَسْم الله قولهم * لما أتاهم كريم الأصل مختار أهلا وسهلا ففي أمن وفي سعة * نعم النبي ونعم القسم والجار فأنزلوه بدار لا يخاف بها * من كان جارهم دارا هي الدار وقاسموه بها الأموال إذ قدموا * مهاجرين وقسم الجاحد النار سرنا وساروا إلى بدر لحينهم* لو يعلمون يقين العلم ما ساروا دلاَّهمُ بغرور ثم أسلمهم * إن الخبيث لمن والاه غرّار وقال إني لكم جار فأوردهم * شر الموارد فيه الخزي والعار ثم التقينا فولوا عن سَراتِهمُ * من منجدين ومنهم فرقة غاروا قال ابن هشام : أنشدني قوله ( لما أتاهم كريم الأصل مختار ) أبو زيد الأنصاري .
|