الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: غاية تلخيص المراد من فتاوى ابن زياد
بسم الله الرحمن الرحيم
.المقدمة: (أما بعد): فإنّ فتاوى الشيخ الإمام عبد الرحمن بن زياد الزبيدي، مفتى الديار اليمنية من أصح الفتاوى وأجمعها، فاستعنت بالله في تلخيصها بأوجز عبارة وأدنى إشارة حسب فهمي القاصر وذهني الفاتر، وذكرت ما حضرني حال الكتابة، مما خالفه أو وافقه فيه الشيخ ابن حجر المكي في كتبه أو فتاويه، لكونه معتمد الفتاوى عند أهل حضرموت خصوصا بل وسائر قطر اليمن عموما، فلا يقدمون أحدا عليه وإن خالفه جُلّ معاصريه، كما حرره سلفنا وقرّره، وقد أذكر غيره من المشايخ حسب التيسير، وأرجو من الله سبحانه إصلاح النية والقبول، وممن وقف على ذلك أن يصلح الخلل، فأقول وبالله أستعين: .الطهارة: (مسألة): المعتمد أن الماء الداخل إلى الفم بعد غسل طرفي الشفتين عن الفرض مستعمل كما في الخادم في سنن الوضوء، وما في العباب من عدم الاستعمال مرجوح، وسبقه إليه الخادم في بعض المواضع. قلت: وافقه ابن حجر و (م ر). (مسألة): يعفى عما يشق الاحتراز عنه من قليل قيء الصبي بالنسبة للمرضعة لا عن قليل بوله وغائطه، إذ الابتلاء بإرضاعه أقوى منه بحمله. (مسألة): الماء القليل الجاري الذي كثر اغتراف الناس منه لا يحكم باستعماله ولا بنجاسته بتوهم نجاسة أيدي المغترفين منه، وإن كان المغترف جنباً أو ذا حدث، بل إن تيقن وقوع نجاسة وجرت بجري الماء فما قبلها طاهر، والجرية التي تعقب النجاسة لها حكم الغسالة. (مسألة): الماء الذي يدخل الإسكافي فيه النعال محكوم بطهارته ما لم يتحقق نجاسته تغليباً للأصل، ولو عرفت الرجل المتنجسة هي أو نعلها بطين الشارع المعفوّ عنه وانتشر عرقها عفي عنه، كما لو عرق محل الاستنجاء، بخلاف النعل المتنجسة بغير ذلك فينجس ما تحقق إصابته محل النجاسة. (مسألة): يعفى عن ذرق الطيور وروث الفيران الذي تعمّ به البلوى في المياه القليلة والمساجد وغيرها، إذ العفو دائر مع عموم البلوى وهو موجود في ذلك. .النجاسات: (مسألة): شعر الحيوان وعظمه الذي لم يعلم أهو من مأكول أو غيره، أو أخذ بعد ذكاته أو موته طاهر، لأنا تيقنا طهارته في الحياة ولم يعارضها أصل ولا ظاهر، واحتمال كونه من مغلظ أو حيوان ولد ميتاً في غاية الندور. قلت: وافقه ابن حجر في الفتاوى، وخالفه أبو حميش اهـ. (مسألة): الزباد طاهر ويصح بيعه، ويعفى عن يسير شعر الحيوان المختلط به. قلت: وافقه ابن حجر وغيره انتهى. (مسألة): الخلاف في وجوب الاستعانة بنحو الأشنان في غسل النجاسة وندبها منتشر، والمعتمد الذي يقتضيه النقل، الدليل وجوب الحت والقرص إن توقفت الإزالة عليهما، ولا تجب الاستعانة بنحو الأشنان وإن توقفت الإزالة عليه كما نص عليه في الأم، نعم إن توقفت إزالة الطعم أو اللون والريح المجتمعين في محل واحد وجب. (مسألة): متى تعسرت إزالة الريح أو اللون بشرطه فالمحل طاهر لا نجس معفو عنه ولو من مغلظ، كما استوجهه السمهودي في حاشية الخادم خلافاً لظاهر عبارة الإرشاد وبعض شراحه. (مسألة): إذا تحقق وقوع النجاسة الكلبية في نحو الحياض أو في أحد باشرها، وجب اجتنابها واجتناب من باشرها، وإن قلد المباشر مالكاً إلا إذا قلد وهو مثله، وهكذا وإن عمت البلوى بذلك قاله الناشر، لكن خالفه ابن جعمان فقال: نظائر ذلك قاضية بالعفو، كمسألة الخزف المعمول بالسرجين، وهذا أقرب وأشبه بمسائل العفو. (مسألة): وضع ثوبه في الماء الكثير حتى غمره فمشى كلب عليه تنجس ولا يكون الماء حائلاً كما قاله السمهودي. (مسألة): المنقول في الرغوة المرتفعة عند البول في البحر أنها نجسة، ومن أفتى بطهارتها فقد خالف المنقول، وأما الرشاش المتقاطر بسبب صدم البول أو البعرة للماء الكثير فطاهر والفرق ظاهر للمتأمل. .الاجتهاد: .خصال الفطرة: (مسألة): نقل الشيخان عن الغزالي أنه لا بأس بترك السبالين، وفي الحديث: «قصوا سبالاتكم ولا تشبهوا باليهود». ويمكن حمله على القدر الذي يحصل به التشبه وهو عند فحش طولها فلا منافاة حينئذ. (مسألة): صرح الأذرعي بكراهة حلق الشعر الذي في الحلقوم، ونقل عن فتاوى محمد الكرماني أنه مباح وفيه نظر يعرف مما مر. (مسألة): يحرم لغير حاجة خضب الرجل والخنثى يديهما ورجليهما بالحناء كما صرح به في الروضة لحديث: «لعن الله المتشبهين» الخ، وقال بعض علماء اليمن يجوز، وهو مقتضى كلام الماوردي وصاحب البيان والرافعي، ولم يصح أنه خضب، وأما لحيته الشريفة فالمختار كما قاله النووي الجمع بين من روى الخضاب كأم سلمة ومن نفاه كأنس، بأنه عليه الصلاة والسلام خضب في وقت وتركه في أكثر الأوقات، فأخبر كل بما رآه وهو صادق، وهذا التأويل كالمتعين. .الوضوء: (مسألة): نوى بوضوئه الصلاة في وقت الكراهة لم يصحّ لتلاعبه، والمراد النفل المطلق، كما لو نوى الصلاة بمحل نجس، أو نوت بغسلها عن الحيض الوطء المحرم. (مسألة): تجزىء نية رفع الحدث ونحوها في الوضوء المجدد على الأوجه، وأما الجنب المريد أكلاً ونحوه فينوي بوضوئه الغسل من الجنابة ثم يغسل الأعضاء المذكورة، ولا يحتاج الوضوء المذكور إلى إفراده بنية، وترتفع به الجنابة عن الأعضاء المذكورة، ويحسن أن يقال: ينوي رفع الحدثين، وسنة الغسل جمعاً بين الاختلاف في ذلك، ولا شك أنه أحوط وأنا أفعله. (مسألة): لا يجزىء الاقتصار في مسح الرأس على البياض الذي وراء الآذان كما جرى عليه في الخادم، وإو وجبت الفدية بستره في الإحرام، والفرق الاحتياط، قلت: وافقه أبو مخرمة، ورجح ابن حجر الإجزاء اهـ. (مسألة): قدمت المضمضة على الاستنشاق لشرف منافع الفم، لأنه محل الذكر والاستنشاق آكد منها لأخبار تخصه، ولو أراد الاقتصار على أحدهما فهي أولى، إذ لا خلاف في الاعتداد بها قبله، ومعنى آكديته أنه إذا أتى بهما معاً أثيب عليه أكثر. .مسح الخف: .الحدث: (مسألة): لا ينتقض الوضوء بلمس العظم الموضح كالسن كما أخرج ذلك الإرشاد بقوله: وتلاقي بشرته وبشرتها، وكما أخرج به السنّ والظفر والشعر أيضاً، وأما باطن العين فينتقض الوضوء بمسه كاللسان واللثة، قلت: وافقه (م ر) في الكل، وخالفه ابن حجر في باطن العين فقال: ونقض به اهـ. (مسألة): يكره كتابة الطلسمات وقراءتها إذا كان فيها أسماء أعجمية لا يعرف معناها، وقيل: يحرم جميع ذلك لاحتمال أن يكون فيها كفر أو أسماء يعظمها الكفار، وقد وقع للبوني من نوع المكروه بل من نوع المحرم إن لم يكن مكفراً ما ذكره في شمس المعارف من دعواه الكواكب والقسم على زحل، ذكره النووي في فتاويه. (مسألة): نقل ابن الملقن عن الحناط أنه لا يجوز جعل الذهب والفضة في كاغد كتب فيه البسملة وجرى عليه المزجد، وقال السمهودي: ويراعى الأدب في وضع الكتب باعتبار علومها وشرفها ومصنفيها وجلالتهم، فيضع الأشرف أعلى، ثم على التدريج، فيقدم المصحف، ثم الحديث الصرف كصحيح مسلم، ثم تفسير القرآن، ثم تفسير الحديث، ثم أصول الدين، ثم أصول الفقه، ثم الفقه، ثم النحو، فإن استوى كتابان في فن واحد أعلى أكثرهما قرآناً أو حديثاً، فإن استويا فبجلالة المصنف، وقد أفتى بعض المشايخ بأنه لا يجوز وضع كتاب من كتب الشرع ليضع عليه كتاباً آخر يطالعه أو يقرؤه لما فيه من الامتهان للعلم. (مسألة): الظاهر الذي أميل إليه أنه لا يجوز التصليب بأوراق المصحف لما فيه من الامتهان كما أفتى به الريمي والبكري، وما تفرق من الأوراق أو تناثر تجب صيانته بحفظ أو بلّ في ماء أو إحراق، لكن في تبيان النووي أنه لا يجوز حرق القرآن، وقولي ابن كبن يجوز تصليب جلد المصحف وغيره من الكتب بأوراق مكتوب فيها قرآن، وقال: إنه أخذه من فتاوى ابن الصلاح وغيره غير ظاهر، فليس في فتاوى ابن الصلاح دلالة على ما ذكره. .الغسل: (مسألة): لو ثنى ذكره فأدخل قدر الحشفة وجب عليه الغسل وغيره من الأحكام المترتبة على الإيلاج، ولا فرق بين وجود الحشفة وعدمه، قلت: خالفه ابن حجر ورجح عدم الوجوب. (مسألة): لو كان في السرة أو تحت الأظفار وسخ يحتاج في إزالته إلى تعهد، فإن نشأ عن البدن كما هو الغالب إذ هي مستورة عن الغبار فهو جزء منه، فلا يشترط إيصال الماء إلى ما تحته، كما قاله القفال والجويني، وإن نشأ من اجتماع بخار ونحوه فلا بد من إزالته ولو بمشقة ما لم يؤدّ إلى ضرر، كما لو كان بشقوقه وسخ وكان في إزالته ضرر، بحيث يكون له غور في اللحم لم تجب إزالته أيضاً. (مسألة): الراجح وفاقاً للعباب أنه يضر تغير الماء بما على عضو المتطهر، نعم لو كان به دموع سائلة لا يمكن الاحتراز عنها لم تضر للمشقة، وكذا لو احتاج للتيمم حينئذ واختلط بالتراب حتى صار طيناً، لأن المشقة تجلب التيسير والرخص لا يضايق فيها، بل أقول بصحة تيمم من ابتلي بكثرة العرق في بدنه. .التيمم: (مسألة): التراب المتناثر من أعضاء المتيمم لا يحكم باستعماله ما لم يعرض عنه، كما رجحه الرافعي وغيره كالمتقاذف من الماء، وحينئذ فلو بادر إلى أخذه من الهواء بعد انفصاله صح، ولا يجزىء التيمم بالتراب المختلط بالمستعمل، كما لا يجزىء المختلط بدقيق ونحوه وإن قلّ. (مسألة): لو كان بوجهه ويديه جراحتان فتيمم بعد غسل صحيح الوجه انصرف عن جراحته فلا يحتاج إلى تعيين. .الحيض: (مسألة): لو تأخرت رؤية الدم عن الولادة بأقل من خمسة عشر يوماً كان ابتداء الستين من الولادة، ويكون زمن النقاء المذكور لا نفاس فيه، وإن كان محسوباً من الستين ذكره البلقيني وهو الأحوط فحينئذ تصلي الصلاة في البقاء الحاصل عقب الولادة، وفي الدم المجاوز للستين من يوم الولادة، ولا بأس باعتماده، قلت: رجحه ابن حجر. .الصلاة: (مسألة): تأخير صلاة العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه خلاف الأولى، وقيل مكروه، ولا يسن حينئذ رفع الصوت بالأذان لأنه يشوّش فللإمام المنع منه. قلت: يفهم منه أنه إذا لم يكن ثم تشويش بأن كان غالب أهل البلد يفعلونه كما في رمضان في بعض النواحي لا منع من رفع الصوت حينئذ. .الأذان: (مسألة): إذا أذن المؤذن للجماعة المعهودة فحضر منفرد أو جماعة أخرى موضع الأذان قبل إقامة الجماعة المعهودة لم يسن لهم الأذان، بل حكم الأذان باق ما لم يصلوا يعني الجماعة المعهودة، وإنما يستحب الأذان بخفض الصوت لمن حضر بعد إقامة الجماعة المعهودة بالأذان.
|