الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ابن تيمية **
/ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي نستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفي بالله شهيدًا. أرسله بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا. فهدى به من الضلالة، وبصر به من العمى، وأرشد به من الغي، وفتح به أعينا عميًا وآذانًا صما، وقلوبًا غلفًا، وفرق به بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والرشاد والغي، والمؤمنين / والكفار، والسعداء أهل الجنة والأشقياء أهل النار، وبين أولياء الله وأعداء الله، فمن شهد له محمد صلى الله عليه وسلم بأنه من أولياء الله فهو من أولياء الرحمن، ومن شهد له بأنه من أعداء الله فهو من أولياء الشيطان. وقد بين ـ سبحانه وتعالى ـ في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن لله أولياء من الناس، وللشيطان أولياء، ففرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان. فقال تعالى: وذكر [أولياء الشيطان] فقال تعالى:
وإذا عرف أن الناس فيهم [أولياء الرحمن وأولياء الشيطان] فيجب أن يفرق بين هؤلاء وهؤلاء كما فرق الله ورسوله بينهما، فأولياء الله هم المؤمنون المتقون كما قال تعالى: وفي الحديث الصحيح الذى رواه البخارى وغيره عن أبى هريرة ــ رضى الله عنه ــ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله: من عادى لي وليًا فقد بارزنى بالمحاربة ــ أو فقد آذنته الحرب ــ وما تقرب إلي/ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به، وبصره الذى يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشى بها، فبى يسمع، وبى يبصر، وبى يبطش، وبى يمشى. ولئن سألنى لأعطينه، ولئن استعاذ بى لأعيذنه، وما ترددت عن شىء أنا فاعله ترددى عن قبض نفس عبدى المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه) وهذا أصح حديث يروى في الأولياء، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه من عادى وليًا لله فقد بارز الله بالمحاربة . وفي حديث آخر: (وإنى لأثأر لأوليائى كما يثأر الليث الحرب) أي آخذ ثأرهم ممن عاداهم كما يأخذ الليث الحرب ثأره، وهذا لأن أولياء الله هم الذين آمنوا به ووالوه، فأحبوا ما يحب وأبغضوا ما يبغض، ورضوا بما يرضى، وسخطوا بما يسخط، وأمروا بما يأمر ونهوا عما نهى، وأعطوا لمن يحب أن يعطى، ومنعوا من يحب أن يمنع، كما في الترمذى وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله) وفي حديث آخر رواه أبو داود قال: (ومن أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان). و [الولاية] ضد العداوة، وأصل الولاية المحبة والقرب، وأصل /العداوة البغض والبعد. وقد قيل: إن الولى سمى وليًا من موالاته للطاعات أي متابعته لها، والأول أصح. والولى القريب، فيقال: هذا يلى هذا، أي يقرب منه. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذَكَر) أي لأقرب رجل إلى الميت. وأكده بلفظ [الذكر] ليبين أنه حكم يختص بالذكور، ولا يشترك فيها الذكور والإناث كما قال في الزكاة (فابن لبون ذكر). فإذا كان ولى الله هو المرافق المتابع له فيما يحبه ويرضاه ويبغضه ويسخطه ويأمره به وينهى عنه كان المعادى لوليه معاديًا له كما قال الله تعالى: وأفضل أولياء الله هم أنبياؤه، وأفضل أنبيائه هم المرسلون منهم، وأفضل المرسلين أولو العزم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى: وأفضل أولى العزم محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المتقين، وسيد ولد آدم، وإمام الأنبياء إذا اجتمعوا، وخطيبهم إذا وفدوا، صاحب المقام المحمود الذى يغبطه به الأولون والآخرون، وصاحب لواء الحمد، وصاحب الحوض المورود، وشفيع الخلائق يوم القيامة وصاحب الوسيلة والفضيلة، الذى بعثه بأفضل كتبه وشرع له أفضل شرائع دينه، وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، وجمع له ولأمته من الفضائل والمحاسن ما فرقه فيمن قبلهم، وهم آخر الأمم خلقًا، وأول الأمم بعثًا، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيدأنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم؛ فهذا يومهم الذى اختلفوا فيه ــ يعنى يوم الجمعة ــ فهدانا الله له: الناس لنا تبع فيه، غدًا لليهود وبعد غد للنصارى). وقال صلى الله عليه وسلم: (أنا أول من تنشق عنه الأرض) وقال صلى الله عليه وسلم: (آتى باب الجنة فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت ؟ فأقول: أنا محمد، فيقول: بك أمرت ألا أفتح لأحد قبلك). /وفضائله صلى الله عليه وسلم وفضائل أمته كثيرة، ومن حين بعثه الله جعله الله الفارق بين أوليائه وبين أعدائه، فلا يكون وليًا لله إلا من آمن به وبما جاء به، واتبعه باطنًا وظاهرًا. ومن ادعى محبة الله وولايته وهو لم يتبعه فليس من أولياء الله، بل من خالفه كان من أعداء الله وأولياء الشيطان، قال تعالى: وكان مشركو العرب يدعون أنهم أهل الله لسكناهم مكة، ومجاورتهم البيت، وكانوا يستكبرون به على غيرهم، كما قال تعالى: وثبت في الصحيحين عن عمرو بن العاص ـ رضى الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جهارًا من غير سر: (إن آل فلان ليسوا لى بأولياء ـ يعنى طائفة من أقاربه ـ إنما ولى الله وصالح المؤمنين) وهذا موافق لقوله تعالى: كما أن من الكفار من يدعى أنه ولى الله وليس وليًا لله، بل عدو له، فكذلك من المنافقين الذين يظهرون الإسلام يقرون في الظاهر بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأنه مرسل إلى جميع الإنس، بل إلى الثقلين الإنس والجن، ويعتقدون في الباطن /ما يناقض ذلك، مثل ألا يقروا في الباطن بأنه رسول اله، وإنما كان ملكا مطاعًا ساس الناس برأيه من جنس غيره من الملوك، أو يقولون: إنه رسول الله إلى الأميين دون أهل الكتاب كما يقوله كثير من اليهود والنصارى، أو أنه مرسل إلى عامة الخلق وأن لله أولياء خاصة لم يرسل إليهم ولا يحتاجون إليه، بل لهم طريق إلى الله من غير جهته، كما كان الخضر مع موسى، أو أنهم يأخذون عن الله كل ما يحتاجون إليه وينتفعون به من غير واسطة، أو أنه مرسل بالشرائع الظاهرة وهم موافقون له فيها، وأما الحقائق الباطنة فلم يرسل بها، أو لم يكن يعرفها، أو هم أعرف بها منه، أو يعرفونها مثل ما يعرفها من غير طريقته . وقد يقول بعض هؤلاء: إن [أهل الصُّفَّة] كانوا مستغنين عنه، ولم يرسل إليهم، ومنهم من يقول: إن الله أوحى إلى أهل الصفة في الباطن ما أوحى إليه ليلة المعراج، فصار أهل الصفة بمنزلته، وهؤلاء من فرط جهلهم لا يعلمون أن الإسراء كان بمكة كما قال تعالى: ولم يكن [أهل الصفة] ناسًا بأعيانهم يلازمون الصفة، بل كانوا يقلون تارة ويكثرون أخرى، ويقيم الرجل بها زمانًا ثم ينتقل منها. والذين ينزلون بها من جنس سائر المسلمين؛ ليس لهم مزية في علم ولا دين، بل فيهم من ارتد عن الإسلام وقتله النبي صلى الله عليه وسلم كالعرنيين الذين اجتووا المدينة ـ أي استوخموها ـ فأمر لهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح ـ أي إبل لها لبن ـ وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها فلما صحوا قتلوا الراعى، واستاقوا الذود فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم في طلبهم، فأتى بهم، فأمر بقطع أيديهم وأرجلهم، وسمرت أعينهم وتركهم في الحرة يستسقون فلا يسقون. وحديثهم في الصحيحين من حديث أنس، وفيه أنهم نزلوا الصفة. فكان ينزلها مثل هؤلاء، ونزلها من خيار المسلمين سعد بن أبى وقاص وهو أفضل من نزل بالصفة، ثم انتقل عنها ونزلها أبو هريرة وغيره . وقد جمع أبو عبد الرحمن السلمي [هو محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن خالد بن سالم بن زاوية بن سعيد بن قبيصة بن سراق الأزدى السلمى الحافظ المحدث،شيخ خراسان وكبير الصوفية أبو عبد الرحمن النيسابورى الصوفي صاحب التصانيف، ولد سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، صنف في علوم القوم سبعمائة جزء وفي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم من جميع الأبواب والمشايخ، وكانت تصانيفه مقبولة، قال عنه الخطيب: غير ثقة، وكان يضع للصوفية الأحاديث. مات في شهر شعبان سنة اثنتى عشرة وأربعمائة. [سير أعلام النبلاء: 17/247 ــ 255 ] تاريخ من نزل الصفة . وأما [الأنصار] فلم يكونوا من أهل الصفة، وكذلك أكابر المهاجرين كأبى بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وعبد الرحمن/ بن عوف وأبى عبيدة وغيرهم، لم يكونوا من أهل الصفة. وقد روي أنه بها غلام للمغيرة بن شعبة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (هذا واحد من السبعة) وهذا الحديث كذب باتفاق أهل العلم وإن كان قد رواه أبو نعيم في الحلية، وكذا كل حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة [الأولياء] و[الأبدال] و[النقباء] و[النجباء] و[الأوتاد] و[الأقطاب] مثل أربعة أو سبعة أو اثنى عشر أو أربعين أو سبعين أو ثلاثمائة وثلاثة عشر، أو القطب الواحد، فليس في ذلك شىء صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينطق السلف بشىء من هذه الألفاظ إلا بلفظ [الأبدال]. وروى فيهم حديث: أنهم أربعون رجلًا وأنهم بالشام، وهو في المسند من حديث على رضى الله عنه. وهو حديث منقطع ليس بثابت، ومعلوم أن عليًا ومن معه من الصحابة كانوا أفضل من معاوية ومن معه بالشام، فلا يكون أفضل الناس في عسكر معاوية دون عسكر على، وقد أخرجا في الصحيحين عن أبى سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تمرق مارقة من الدين على حين فرقة من المسلمين يقتلهم أولى الطائفتين بالحق) وهؤلاء المارقون هم الخوارج الحرورية الذين مرقوا لما حصلت الفرقة بين المسلمين في خلافة على، فقتلهم على بن أبى طالب وأصحابه، فدل هذا الحديث الصحيح على أن علي /بن أبى طالب أولى بالحق من معاوية وأصحابه، وكيف يكون الأبدال في أدنى العسكرين دون أعلاهما ؟ وكذلك ما يرويه بعضهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أنشد منشد : قد لسعت حية الهوى كبدى ** فلا طبيب لها ولا راقى إلا الحبيب الذى شـغفت به ** فعنـده رقيتـى وترياقــى وأن النبي صلى الله عليه وسلم تواجد حتى سقطت البردة عن منكبه، فإنه كذب باتفاق أهل العلم بالحديث، وأكذب منه ما يرويه بعضهم: (أنه مزق ثوبه، وأن جبريل أخذ قطعة منه فعلقها على العرش)، فهذا وأمثاله مما يعرف أهل العلم والمعرفة برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من أظهر الأحاديث كذبًا عليه صلى الله عليه وسلم . وكذلك ما يروونه عن عمر ـ رضى الله عنه ـ أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يتحدثان وكنت بينهما كالزنجى. وهو كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث . والمقصود هنا أن فيمن يقر برسالته العامة في الظاهر من يعتقد في الباطن ما يناقض ذلك، فيكون منافقًا وهو يدعى في نفسه وأمثاله /أنهم أولياء الله مع كفرهم في الباطن بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إما عنادًا وإما جهلًا، كما أن كثيرًا من النصارى واليهود يعتقدون أنهم أولياء الله، وأن محمدًا رسول الله، ولكن يقولون: إنما أرسل إلى غير أهل الكتاب، وأنه لا يجب علينا اتباعه؛ لأنه أرسل إلينا رسلًا قبله، فهؤلاء كلهم كفار مع أنهم يعتقدون في طائفتهم أنهم أولياء الله الذين وصفهم الله تعالى بولايته بقوله: ولابد في الإيمان من أن يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويؤمن بكل رسول أرسله الله وكل كتاب أنزله الله، كما قال تعالى: وقال في أول السورة: فلابد في الإيمان من أن تؤمن أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، لا نبى بعده، وأن الله أسرله إلى جميع الثقلين الجن والإنس، فكل من لم يؤمن بما جاء به فليس بمؤمن؛ فضلا عن أن يكون من أولياء الله المتقين؛ ومن آمن ببعض ما جاء به وكفر ببعض فهو كافر ليس بمؤمن، كما قال الله تعالى: /وأما خلق الله تعالى للخلق، ورزقه إياهم، وإجابته لدعائهم وهدايته لقلوبهم، ونصرهم على أعدائهم، وغير ذلك من جلب المنافع ودفع المضار، فهذا لله وحده يفعله بما يشاء من الأسباب، لا يدخل في مثل هذا وساطة الرسل. ثم لو بلغ الرجل في [الزهد والعبادة والعلم] ما بلغ، ولم يؤمن بجميع ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فليس بمؤمن، ولا ولي لله تعالى، كالأحبار والرهبان من علماء اليهود والنصارى وعبادهم، وكذلك المنتسبين إلى العلم والعبادة من المشركين مشركى العرب والترك والهند وغيرهم ممن كان من حكماء الهند والترك وله علم أو زهد وعبادة في دينه وليس مؤمنًا بجميع ما جاء به فهو كافر عدو لله، وإن ظن طائفة أنه ولى لله، كما كان حكماء الفرس من المجوس كفارًا مجوسًا. وكذلك حكماء [اليونان] مثل أرسطو وأمثاله كانوا مشركين يعبدون الأصنام والكواكب، وكان أرسطو قبل المسيح ـ عليه السلام ـ بثلاثمائة سنة، وكان وزيرًا للإسكندر بن فيلبس المقدونى، وهو الذى تؤرخ به تواريخ الروم واليونان، وتؤرخ به اليهود والنصارى، وليس هذا هو ذو القرنين الذى ذكره الله في كتابه، كما يظن بعض الناس أن أرسطو كان وزيرًا لذى القرنين لما رأوا أن ذاك اسمه الإسكندر، وهذا قد يسمى بالإسكندر، ظنوا أن هذا ذاك كما يظنه ابن سينا وطائفة معه / وليس الأمر كذلك، بل هذا الإسكندر المشرك الذى قد كان أرسطو وزيره متأخر عن ذاك، ولم يبن هذا السد، ولا وصل إلى بلاد يأجوج ومأجوج، وهذا الإسكندر الذى كان أرسطو من وزرائه يؤرخ له تاريخ الروم المعرف. وفي أصناف المشركين من مشركى العرب ومشركى الهند والترك واليونان وغيرهم من له اجتهاد في العلم والزهد والعبادة، ولكن ليس بمتبع للرسل ولا يؤمن بما جاؤوا به ولا يصدقهم بما أخبروا به ولا يطيعهم فيما أمروا، فهؤلاء ليسوا بمؤمنين ولا أولياء لله، وهؤلاء تقترن بهم الشياطين وتنزل عليهم فيكاشفون الناس ببعض الأمور، ولهم تصرفات خارقة من جنس السحر، وهم من جنس الكهان والسحرة الذين تنزل عليهم الشياطين، قال تعالى: وهؤلاء جميعهم ينتسبون إلى المكاشفات وخوارق العادات إذا لم يكونوا متبعين للرسل فلا بد أن يكذبوا، وتكذبهم شياطينهم. ولا بد أن يكون في أعمالهم ما هو إثم وفجور مثل نوع من الشرك أو الظلم أو الفواحش أو الغلو أو البدع في العبادة؛ ولهذا تنزلت عليهم الشياطين واقترنت بهم فصاروا من أولياء الشيطان لا من أولياء الر حمن. قال الله تعالى:
ومن الناس من يكون فيه إيمان، وفيه شعبة من نفاق، كما جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، /وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان، وإذا عاهد غدر) وفي الصحيحين أيضًا عن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الإيمان بضع وستون ـ أو بضع وسبعون ـ شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان) فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن من كان فيه خصلة من هذه الخصال ففيه خصلة من النفاق حتى يدعها، وقد ثبت في الصحيحين أنه قال لأبى ذر ـ وهو من خيار المؤمنين ـ: (إنك امرؤ فيك جاهلية) فقال: يا رسول الله، أعلى كبر سني ؟! قال: (نعم)!. وثبت في الصحيح عنه أنه قال:(أربع في أمتى من أمر الجاهلية: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والنياحة على الميت، والاستسقاء بالنجوم) وفي الصحيحين عن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان) وفي صحيح مسلم: (وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم) وذكر البخارى عن ابن أبى مُليْكةَ قال: أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، وقد قال الله تعالى: وإذا كان [أولياء الله] هم المؤمنين المتقين فبحسب إيمان العبد وتقواه تكون ولايته لله تعالى، فمن كان أكمل إيمانًا وتقوى، كان أكمل ولاية لله. فالناس متفاضلون في ولاية الله ــ عز وجل ــ بحسب تفاضلهم في الإيمان والتقوى، وكذلك يتفاضلون في عداوة الله بحسب تفاضلهم في الكفر والنفاق، قال الله تعالى:
|