الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى
.بَابُ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَأَبِي مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَعَلَى هَذَا جَوَابُ أَحْمَدَ فِي مَسَائِلِ الْحِيَلِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ وَالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ تَنَاوُلًا وَاحِدًا، وَقِيلَ فِي فَتَاوِيه: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَمَنْصُوصُ أَحْمَدَ، وَظَاهِرُ قَوْلِ قُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ وَمُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ. قَالَ: فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى وَظَاهِرُ هَذَا وَصَرِيحُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخُصُّ النِّكَاحَ، بَلْ الْعُقُودُ كُلُّهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَ(لَا) يَلْزَمُ الشَّرْطُ (بَعْدَ) لُزُومِ (عَقْدٍ) لِفَوَاتِ مَحِلِّهِ. (وَهِيَ) أَيْ: الشُّرُوطُ فِي النِّكَاحِ (قِسْمَانِ): .[القسمُ الأولُ: الصَّحِيحُ اللَّازِمُ لِلزَّوْجِ]: قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ. فَائِدَةٌ: وَلَا تَلْزَمُ هَذِهِ الشُّرُوطُ إلَّا فِي النِّكَاحِ الَّذِي شُرِطَتْ فِيهِ، فَإِنْ بَانَتْ مِنْهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا؛ لَمْ تَعُدْ الشُّرُوطُ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْعَقْدِ زَوَالٌ لِمَا هُوَ مُرْتَبِطٌ بِهِ. (وَيَتَّجِهُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ بِيَمِينِهَا (فِي عَدَمِ عِلْمِهَا) بِفِعْلِهِ مَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا (وَ) يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَيْضًا فِي (نَفْيِ تَمْكِينٍ) مِنْ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى. (وَيَتَّجِهُ: أَنَّ هَذِهِ) (الشُّرُوطَ) الْمُتَقَدِّمَةَ (تَلْزَمُ) الزَّوْجَ (حَيْثُ الْتَزَمَهَا) مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهَا مُبَاحَةٌ لَهُ قَبْلَ الْتِزَامِهَا، فَلَمَّا الْتَزَمَهَا صَارَتْ لَازِمَةً لَهُ (وَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ) أَيْ: تَلْتَمِسْ مِنْهُ الزَّوْجَةُ (فِيهَا) أَيْ: فِي الشُّرُوطِ الِالْتِزَامَ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَقْدِ، فَلَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِحَدِيثِ «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ إلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» وَهُوَ مُتَّجِهٌ (لَكِنْ لَوْ شَرَطَ) لَهَا (أَنْ لَا يُسَافِرَ بِهَا فَخَدَعَهَا، وَسَافَرَ بِهَا؛ ثُمَّ كَرِهَتْهُ، وَلَمْ تُسْقِطْ حَقَّهَا مِنْ الشَّرْطِ لَمْ) يَكُنْ لَهُ أَنْ (يُكْرِهَهَا بَعْدَ) ذَلِكَ عَلَى السَّفَرِ؛ لِبَقَاءِ حُكْمِ الشَّرْطِ، فَإِنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ الشَّرْطِ؛ يَسْقُطُ مُطْلَقًا. قَالَ فِي الْإِنْصَافِ إنَّهُ الصَّوَابُ. (وَمَنْ شَرَطَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ مَنْزِلِ أَبَوَيْهَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: أَحَدُ أَبَوَيْهَا (بَطَلَ الشَّرْطُ) لِأَنَّ الْمَنْزِلَ صَارَ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ أَنْ كَانَ لَهُمَا، فَاسْتَحَالَ إخْرَاجُهَا مِنْ مَنْزِلِ أَبَوَيْهَا فَبَطَلَ الشَّرْطُ. (وَمَنْ شَرَطَ سُكْنَاهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مَعَ أَبِيهِ) فَسَكَنَتْ (ثُمَّ أَرَادَتْهَا) أَيْ: السُّكْنَى (مُنْفَرِدَةً؛ فَلَهَا ذَلِكَ) أَيْ طَلَبُهُ بِإِسْكَانِهَا مُنْفَرِدَةً، لِأَنَّهُ لِحَقِّهَا لِمَصْلَحَتِهَا، لَا لِحَقِّهِ لِمَصْلَحَتِهِ، فَلَا يَلْزَمُ فِي حَقِّهَا، وَلِهَذَا لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مَنْ شَرَطَتْ دَارَهَا فِيهَا أَوْ فِي دَارِهِ لَزِمَهُ تَسَلُّمُهَا (لَا إنْ عَجَزَ) عَنْ إفْرَادِهَا بِمَنْزِلٍ وَحْدَهَا؛ فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَتَبِعْهُ فِي الْإِقْنَاعِ (وَلَوْ تَعَذَّرَ سُكْنَى مَنْزِلٍ شُرِطَ) عَلَى الزَّوْجِ (بِنَحْوِ خَرَابِ) مَسَاكِنِهِ أَوْ تَعْطِيلِ مَحَلَّتِهِ (سَكَنَ بِهَا) الزَّوْجُ (حَيْثُ أَرَادَ) سَوَاءٌ رَضِيَتْ أَوْ لَا (وَسَقَطَ حَقُّهَا) مِنْ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ عَارِضٌ، وَقَدْ زَالَ، فَرَجَعْنَا إلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ مَحْضُ حَقِّهِ. .[القسمُ الثاني: شرطٌ فَاسِدٌ]: (وَهُوَ نَوْعَانِ): .[النوعُ الأول: ما يُبْطِلُ النِّكَاحَ مِنْ أَصْلِهِ]: .[الأولُ: نِكَاحُ الشِّغَارِ]: قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ: الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي هَذَا الْعَقْدِ تَشْرِيكٌ، وَإِنَّمَا حَصَلَ فِيهِ شَرْطٌ؛ فَبَطَلَ الشَّرْطُ، وَصَحَّ الْعَقْدُ، وَمَحِلُّ الصِّحَّةِ: إنْ كَانَ الْمُسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (مُسْتَقِلًّا) عَنْ بُضْعِ الْأُخْرَى، فَإِنْ جُعِلَ الْمُسَمَّى دَرَاهِمَ وَبُضْعَ الْأُخْرَى لَمْ يَصِحَّ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ قَلَّ) صَحَّ النِّكَاحُ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ (خِلَافًا لِلْمُنْتَهَى) بِقَوْلِهِ: فَإِنْ سَمَّوْا مَهْرًا مُسْتَقِلًّا غَيْرَ قَلِيلٍ، وَلَا حِيلَةَ؛ صَحَّ. فَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِالْقَلِيلِ سَوَاءٌ كَانَ حِيلَةً أَوْ لَا؛ لِجَعْلِهِ إيَّاهُ قَسِيمًا لِلْحِيلَةِ، كَمَا فِي التَّنْقِيحِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَهْرُ قَلِيلًا وَلَمْ يَكُنْ حِيلَةً؛ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلَا حِيلَةَ) (فَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ قَلِيلًا حِيلَةً؛ لَمْ يَصِحَّ؛) لِمَا تَقَدَّمَ فِي بُطْلَانِ الْحِيَلِ عَلَى مُحَرَّمٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِمَا (إنْ كَانَ كَثِيرًا صَحَّ) وَلَوْ حِيلَةً، وَعِبَارَةُ الْمُنْتَهَى تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ التَّنْقِيحِ وَاعْتَرَضَ الْحَجَّاوِيُّ التَّنْقِيحَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ. (وَإِنْ سَمَّى) الْمَهْرَ (لِإِحْدَاهُمَا) دُونَ الْأُخْرَى (صَحَّ نِكَاحُهَا) أَيْ: مَنْ سَمَّى الْمَهْرَ لَهَا (فَقَطْ) لِأَنَّ فِي نِكَاحِ الْمُسَمَّى لَهَا تَسْمِيَةً وَشَرْطًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سُمِّيَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرٌ. وَإِنْ قَالَ: زَوَّجْتُك جَارِيَتِي هَذِهِ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتك، وَتَكُونُ رَقَبَتُهَا صَدَاقًا لِابْنَتِك؛ لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُ الْجَارِيَةِ فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا صَدَاقًا سِوَى تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ. وَإِذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ رَقَبَةَ الْجَارِيَةِ صَدَاقًا لَهَا؛ صَحَّ، لِأَنَّ الْجَارِيَةَ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ صَدَاقًا. وَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ امْرَأَةً وَجَعَلَ رَقَبَتَهُ صَدَاقًا لَهَا، لَمْ يَصِحَّ الصَّدَاقُ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ، فَيَفْسُدُ الصَّدَاقُ، وَيَصِحُّ النِّكَاحُ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. قَالَهُ فِي الشَّرْحِ. .[الثاني: نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ]: قَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعْدٍ: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَفِي نَفْسِهِ أَنْ يُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَلَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ. قَالَ: هُوَ مُحَلِّلٌ، إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْإِحْلَالَ؛ فَهُوَ مَلْعُونٌ، وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الصَّحَابَةِ. وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: تَزَوَّجْتهَا أَحِلُّهَا لِزَوْجِهَا لَمْ يَأْمُرنِي، وَلَمْ يَعْلَمْ، قَالَ: لَا، الْإِنْكَاحُ رَغْبَةٌ إنْ أَعْجَبَتْك أَمْسَكْتهَا، وَإِنْ كَرِهْتهَا فَارَقْتهَا، وَإِنْ كُنَّا نَعُدُّهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِفَاحًا. وَقَالَ: لَا يَزَالَا زَانِيَيْنِ وَلَوْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً، إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُحِلَّهَا، وَهَذَا قَوْلُ عُثْمَانَ. وَجَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إنَّ عَمِّي طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا أَيَحِلُّهَا لَهُ رَجُلٌ؟ قَالَ: مَنْ يُخَادِعْ اللَّهَ يَخْدَعْهُ. (أَوْ يَتَّفِقَا) أَيْ: الزَّوْجَانِ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى أَنَّهُ نِكَاحُ مُحَلِّلٍ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْعَقْدِ، وَلَمْ يُذْكَرْ حَالَ الْعَقْدِ؛ فَلَا يَصِحُّ إنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ، وَيَنْوِي حَالَ الْعَقْدِ أَنَّهُ نِكَاحُ رَغْبَةٍ، فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ حَالَ الْعَقْدِ، صَحَّ؛ لِخُلُوِّهِ عَنْ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ وَشَرْطِهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ حَدِيثُ ذِي الرُّقْعَتَيْنِ الْآتِي (أَوْ يُزَوِّجُ عَبْدَهُ بِمُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا بِنِيَّةِ تَمْلِيكِهِ) أَيْ الْعَبْدِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (لَهَا) أَيْ: لِلزَّوْجَةِ أَوْ بِنِيَّتِهِ بَيْعَهُ أَوْ بَعْضِهِ مِنْهَا (لِيَفْسَخَ نِكَاحُهَا) بِمِلْكِهَا زَوْجَهَا أَوْ بَعْضَهُ (فَيَحْرُمُ الْكُلُّ وَلَا يَصِحُّ) النِّكَاحُ. قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا نَهَى عَنْهُ عُمَرُ، يُؤَدَّبَانِ جَمِيعًا، وَعَلَّلَ فَسَادَهُ بِشَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا- أَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُحَلِّلَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا زَوَّجَهَا إيَّاهُ لِيُحَلِّلَهَا لَهُ، وَالثَّانِي كَوْنُهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ لَهَا. انْتَهَى. وَلَا يَحْصُلُ بِنِكَاحِ الْمُحَلِّلِ الْإِحْصَانُ (وَلَا تَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ) الْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا لِفَسَادِهِ، وَيَلْحَقُ فِيهِ النَّسَبُ لِلشُّبْهَةِ بِالِاخْتِلَافِ فِيهِ. (وَلَوْ نَوَى الزَّوْجُ عِنْدَ الْعَقْدِ غَيْرَ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ نِكَاحُ رَغْبَةٍ، صَحَّ قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ). وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ حَدِيثُ ذِي الرُّقْعَتَيْنِ، وَهُوَ مَا رَوَى أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ قَدَمَ مَكَّةَ رَجُلٌ وَمَعَهُ إخْوَةٌ لَهُ صِغَارًا، وَعَلَيْهِ إزَارٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ رُقْعَةٌ، وَمِنْ خَلْفِهِ رُقْعَةٌ، فَسَأَلَ عُمَرَ، فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إذْ نَزَعَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَتْ: هَلْ لَك أَنْ تُعْطِيَ ذَا الرُّقْعَتَيْنِ شَيْئًا وَيُحِلَّك لِي؟ قُلْت: نَعَمْ إنْ شِئْت فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ، قَالَ: نَعَمْ، فَتَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَدْخَلَتْ إخْوَتَهُ الدَّارَ، فَجَاءَ الْقُرَشِيُّ يَحُومُ حَوْلَ الدَّارِ، وَقَالَ: يَا وَيْلَاهُ غَلَبَ عَلَى امْرَأَتِي، فَأَتَى عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ غُلِبْتُ عَلَى امْرَأَتِي قَالَ: مَنْ غَلَبَك؟ قَالَ ذُو الرُّقْعَتَيْنِ، قَالَ: أَرْسِلُوا إلَيْهِ، فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: كَيْف مَوْضِعُك مِنْ قَوْمِك؟ قَالَ: لَيْسَ بِمَوْضِعِي بَأْسٌ، قَالَتْ: إنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَك: طَلِّقْ امْرَأَتَك، فَقُلْ: لَا وَاَللَّهِ لَا أُطَلِّقُهَا؛ فَإِنَّهُ لَا يُكْرِهُك، فَأَلْبَسَتْهُ حُلَّةً فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ مِنْ بَعِيدٍ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَ ذَا الرُّقْعَتَيْنِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَتُطَلِّقُ امْرَأَتَك؟ قَالَ: لَا وَاَللَّهِ لَا أُطَلِّقُهَا؛ قَالَ عُمَرُ: لَوْ طَلَّقْتهَا لَأَوْجَعْت رَأْسَك بِالسَّوْطِ. وَرَوَاهُ سَعِيدٌ أَيْضًا بِسَنَدِهِ بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا وَقَالَ: مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. تَنْبِيهٌ: إذَا ادَّعَى أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ شَرْطِ التَّحْلِيلِ، وَقَصَدَ أَنَّهُ نِكَاحُ رَغْبَةٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا نَوَاهُ، قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ؛ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ، وَلَوْ صَدَّقَتْ الزَّوْجَةُ أَنْ النِّكَاحَ الثَّانِيَ كَانَ فَاسِدًا؛ فَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ؛ لِاعْتِرَافِهَا بِالتَّحْرِيمِ عَلَيْهِ.: قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ثَلَاثًا، ثُمَّ اشْتَرَاهَا لِتَأَسُّفِهِ عَلَى طَلَاقِهَا: حِلُّهَا بَعِيدٌ فِي مَذْهَبِنَا؛ لِأَنَّ الْحِلَّ يَقِفُ عَلَى زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ، وَمَتَى زَوَّجَهَا مَعَ مَا ظَهَرَ مِنْ تَأَسُّفِهِ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ بِالنِّكَاحِ إلَّا التَّحْلِيلَ، وَالْقَصْدُ عِنْدَنَا يُؤَثِّرُ فِي النِّكَاحِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا: إذَا تَزَوَّجَ الْغَرِيبُ بِنِيَّةِ طَلَاقِهَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ؛ لَمْ يَصِحَّ، وَمَنْ عَزَمَ عَلَى تَزْوِيجِهِ بِالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا، وَوَعَدَهَا سِرًّا كَانَ أَشَدَّ تَحْرِيمًا مِنْ التَّصْرِيحِ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ إجْمَاعًا، لَا سِيَّمَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَيُعْطِيهَا مَا تُحَلَّلُ بِهِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. .[الثالث: نِكَاحُ الْمُتْعَةِ]: وَلَا يَثْبُتُ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ إحْصَانٌ وَلَا إبَاحَةٌ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ؛ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرُهُ، وَلَا يَتَوَارَثَانِ، وَلَا تُسَمَّى زَوْجَتَهُ لِمَا سَبَقَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَيَصِحُّ النِّكَاحُ إلَى الْمَمَاتِ) بِأَنْ يَقُولَ: زَوَّجْتُك إلَى الْمَمَاتِ، فَيَقْبَلُ الزَّوْجُ، فَيَصِحُّ، وَلَا أَثَرَ لِهَذَا التَّوْقِيتِ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. تَنْبِيهٌ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي عَقْدِ الْمُتْعَةِ وَفِيمَا حَكَمْنَا بِهِ أَنَّهُ كَمُتْعَةٍ كَالتَّزْوِيجِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ؛ وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُطَلِّقَ، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ، فَسَخَ الْحَاكِمُ النِّكَاحَ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ مِنْ مَهْرٍ وَلَا مُتْعَةٍ؛ لِفَسَادِ الْعَقْدِ؛ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ. .[الرابع: النِّكَاحُ الْمُعَلَّقُ]: .[النَّوْعُ الثَّانِي: مَا يَصِحُّ مَعَهُ النِّكَاحُ]: نَحْوُ (أَنْ يَشْرِطَ أَنْ لَا مَهْرَ) لَهَا (أَوْ أَنْ لَا نَفَقَةَ) لَهَا (أَوْ أَنْ يَقْسِمَ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ ضَرَّتِهَا أَوْ) أَنْ يَقْسِمَ لَهَا (أَقَلَّ) مِنْ ضَرَّتِهَا (أَوْ أَنْ يَشْرِطَا) عَدَمَ وَطْءٍ، أَوْ أَنْ يَشْتَرِطَ (أَحَدُهُمَا عَدَمَ وَطْءٍ وَدَوَاعِيهِ أَوْ) يَشْتَرِطَ عَلَى الْمَرْأَةِ (أَنْ تُعْطِيَهُ شَيْئًا) أَوْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهَا (أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ) أَوْ تَشْتَرِطَ عَلَيْهِ (إنْ فَارَقَ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ أَوْ) يَشْتَرِطَا (خِيَارًا فِي عَقْدٍ) فَيَصِحُّ النِّكَاحُ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ تَقَدَّمَ فِي الضَّمَانِ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ أَوْ فِي الْكَفَالَةِ؛ فَسَدَ الشَّرْطُ وَالْعَقْدُ، وَهُنَا صَحَّ الْعَقْدُ دُونَ الشَّرْطِ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ الِالْتِزَامُ الْمَخْصُوصُ، وَشَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَلْتَزِمُ حَالًّا، فَلَمْ يُوجَدَا مِنْ أَصْلِهِمَا، فَلَمْ يَصِحَّا، بِخِلَافِ النِّكَاحِ، فَإِنَّ مَعْنَى شَرْطِ الْخِيَارِ فِيهِ أَنَّهُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ لِمَنْ لَمْ يَرْضَ مِنْهُمَا الْفَسْخَ، فَيَصِحُّ الْعَقْدُ؛ لِتَمَامِهِ، وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ، لِمَا فَاتَهُ، أَوْ يَشْتَرِطَا (أَوْ) أَحَدُهُمَا خِيَارًا فِي (مَهْرٍ،) يَشْرِطُ عَلَيْهِ (إنْ جَاءَهَا بِهِ) أَيْ: الْمَهْرِ (فِي وَقْتِ كَذَا أَوْ إلَّا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا أَوْ) تَشْرِطُ عَلَيْهِ (أَنْ يُسَافِرَ بِهَا) وَلَوْ لِحَجٍّ (أَوْ أَنْ تَسْتَدْعِيَهُ لِوَطْءٍ عِنْدَ إرَادَتِهَا أَوْ) تَشْرِطُ (أَنْ لَا تُسَلِّمَ نَفْسَهَا) إلَيْهِ (مُدَّةً إلَى كَذَا، أَوْ) تَشْرِطُ أَنْ (لَا يَكُونَ عِنْدَهَا فِي الْجُمُعَةِ إلَّا لَيْلَةً، أَوْ) تَشْرِطُ عَلَيْهِ (أَنْ لَا يَعْزِلَ عَنْهَا، أَوْ) تَشْرِطُ أَنْ (يَسْكُنَ بِهَا حَيْثُ شَاءَتْ أَوْ) حَيْثُ (شَاءَ أَبُوهَا) أَوْ حَيْثُ شَاءَ غَيْرُهُ (وَنَحْوُهُ) كَشَرْطِهَا عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا كُلَّ يَوْمٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا (فَيَصِحُّ النِّكَاحُ) فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا (دُونَ الشَّرْطِ) لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَيَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حُقُوقٍ تَجِبُ بِالْعَقْدِ قَبْلَ انْعِقَادِهِ كَإِسْقَاطِ الشَّفِيعِ شُفْعَتَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَأَمَّا الْعَقْدُ بِنَفْسِهِ فَصَحِيحٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ تَعُودُ إلَى مَعْنًى زَائِدٍ فِي الْعَقْدِ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ فِيهِ، وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِهِ؛ فَلَمْ يُبْطِلْهُ، كَمَا لَوْ شَرَطَ صَدَاقًا مُحَرَّمًا فِيهِ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِالْعِوَضِ فَجَازَ أَنْ يَنْعَقِدَ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَالْعِتْقِ. (وَمَنْ طَلَّقَ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَقَعَ) طَلَاقُهُ؛ لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحِلِّهِ وَلَغَا الشَّرْطُ. .فَصْلٌ: [اشتراطُ إسلامِ الزَّوْجَةِ]: (وَإِنْ شَرَطَ) فِي الزَّوْجَةِ (صِفَةً أَدْنَى فَبَانَتْ) صِفَتُهَا (أَعْلَى) مِنْ الصِّفَةِ الَّتِي شَرَطَهَا، كَأَنْ شَرَطَهَا (كِتَابِيَّةً، أَوْ) شَرَطَهَا (أَمَةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ حُرَّةً؛ فَلَا خِيَارَ لَهُ)؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ خَيْرٍ فِيهَا. (وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً) وَهُوَ حُرٌّ (وَظَنَّ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ) فَبَانَتْ أَمَةً (أَوْ شَرَطَهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً) وَكَانَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ؛ فَالنِّكَاحُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَا مَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ؛ لِكَوْنِهِ عَادِمَ الطَّوْلِ خَائِفَ الْعَنَتِ، وَاخْتَارَ الْفَسْخَ؛ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ غُرَّ فِيهِ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِحُرِّيَّةِ الْآخَرِ، فَيَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ كَالْآخَرِ، ثُمَّ إنْ فَسَخَ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ فَلَا مَهْرَ لَهَا؛ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا، وَإِنْ فَسَخَ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ فَلَهَا الْمُسَمَّى، لِتَقَرُّرِهِ بِالدُّخُولِ. فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْهُ (فَوَلَدُهُ حُرٌّ) لِاعْتِقَادِهِ حُرِّيَّتَهَا، فَكَانَ وَلَدُهُ حُرًّا، لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ مَا يَقْتَضِي حُرِّيَّتَهُ (وَيَفْدِيهِ) الزَّوْجُ إنْ وَلَدَتْهُ (حَيًّا) لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ؛ كَأَنْ تَأْتِيَ بِهِ (لِنِصْفِ سَنَةٍ) مُنْذُ وَطِئَهَا سَوَاءٌ عَاشَ أَوْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْهُ؛ لِقَضَاءِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَلِأَنَّ الْوَلَدَ نَمَاءُ الْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ فَسَبِيلُهُ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِمَالِكِهَا، وَقَدْ فَوَّتَ رِقَّهُ بِاعْتِقَادِهِ الْحُرِّيَّةَ، فَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ، كَمَا لَوْ فَاتَ رِقُّهُ بِفِعْلِهِ، فَفِدْيَتُهُ (بِقِيمَتِهِ) لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ، وَكُلُّ الْحَيَوَانَاتِ مُتَقَوِّمَةٌ (يَوْمَ وِلَادَتِهِ) قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ عِنْدَ وَضْعِهِ، وَهُوَ أَوَّلُ إمْكَانِ تَقْوِيمِهِ، وَقِيمَتُهُ الَّتِي تَزِيدُ بَعْدَ وَضْعِهِ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لِمَالِكِ الْأَمَةِ، فَلَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا بَعْدَ الْخُصُومَةِ. وَإِذَا وَضَعَتْهُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا قِيمَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ (وَ) إنْ وَلَدَتْهُ (مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَعَلَى جَانٍ غُرَّةٌ)؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى جَنِينٍ حُرٍّ، تَرِثُ الْغُرَّةَ وَرَثَةُ الْجَنِينِ، كَأَنَّهُ وُلِدَ حَيًّا، وَمَاتَ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ الْجَانِي أَبَاهُ فَعَلَيْهِ غُرَّةٌ، وَلَمْ يَرِثْهُ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ (وَلَا) يَجِبُ (فِدَاءُ) هَذَا الْوَلَدِ (لِسَيِّدٍ) لِأَنَّهُ وَلَدٌ مَيِّتٌ وَلَا قِيمَةَ لَهُ (ثُمَّ إنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مِمَّنْ لَا يَحِلُّ نِكَاحُ الْإِمَاءِ) بِأَنْ كَانَ حُرًّا وَاجِدَ الطَّوْلِ، أَوْ غَيْرَ خَائِفِ الْعَنَتِ (وَيَتَّجِهُ): أَنَّ مَحِلَّ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ كَذَلِكَ (حَالَ عَقْدٍ) لَا بَعْدَهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ: (فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) لِظُهُورِ بُطْلَانِ النِّكَاحِ؛ لِفَقْدِ شَرْطِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ (فَلَهُ الْخِيَارُ) بَيْنَ فَسْخِ النِّكَاحِ وَالْمُقَامِ عَلَيْهِ، كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ قَدْ غُرَّ فِيهِ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِحُرِّيَّةِ الْآخَرِ؛ أَشْبَهَ عَكْسَهُ (فَإِنْ رَضِيَ بِالْمُقَامِ) مَعَهَا (فَمَا) حَمَلَتْ بِهِ (وَلَدَتْهُ، بَعْدَ) ثُبُوتِ رِقِّهَا، (فـَ) هُوَ (رَقِيقٌ) لِمَالِكِ الْأَمَةِ تَبَعًا لِأُمِّهِ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ مِنْ نَمَائِهَا، وَنَمَاؤُهَا لِوَلَدِهَا، وَقَدْ انْتَفَى الْغَرَرُ الْمُقْتَضِي لِلْحُرِّيَّةِ. (وَيَتَّجِهُ: بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ (أَنَّ الْوَلَدَ لَا) يَصِيرُ رَقِيقًا (مَعَ شَرْطِ حُرِّيَّةٍ) أَيْ: بِأَنْ يَشْرِطَ الزَّوْجُ عَلَى وَلِيِّ مَنْ تَزَوَّجَهَا حُرِّيَّتَهَا، فَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ إنْ ظَهَرَ رِقُّهَا فَوَلَدِي مِنْهَا حُرٌّ، فَلَهُ شَرْطُهُ؛ لِحَدِيثِ: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَإِنْ كَانَ) حِينَ تَزَوَّجَ بِالْمَرْأَةِ، (ظَنَّهَا عَتِيقَةً) فَبَانَتْ أَمَةً؛ فَلَا خِيَارَ لَهُ (أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مُطَلَّقَةً) مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ رِقٍّ وَلَا حُرِّيَّةٍ (فَبَانَتْ أَمَةً؛ فَلَا خِيَارَ لَهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِتْقِ، فَكَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى بَصِيرَةٍ (وَإِنْ كَانَ الْمَغْرُورُ) بِالْأَمَةِ بِأَنْ ظَنَّهَا أَوْ شَرَطَهَا حُرَّةً (عَبْدًا؛ فَوَلَدُهُ) مِنْهَا (حُرٌّ) لِأَنَّهُ وَطِئَهَا مُعْتَقِدًا حُرِّيَّتَهَا، فَأَشْبَهَ الْحُرَّ، وَعِلَّةُ رِقِّ الْوَلَدِ رِقُّ أُمِّهِ خَاصَّةً، وَلَا عِبْرَةَ لِلْأَبِ بِدَلِيلِ وَلَدِ الْحُرِّ مِنْ الْأَمَةِ وَوَلَدِ الْعَبْدِ مِنْ الْحُرَّةِ، وَهُنَا يُقَالُ: حُرٌّ (بَيْنَ رَقِيقَيْنِ وَيَفْدِيهِ) أَيْ: يَفْدِي الْعَبْدُ وَلَدَهُ مِنْ أَمَةٍ غُرَّ بِهَا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وِلَادَتِهِ حَيًّا (لِتَعَلُّقِهِ) أَيْ: الْفِدَاءِ (بِذِمَّتِهِ)؛ لِأَنَّهُ؛ فَوَّتَ رِقَّهُ بِاعْتِقَادِهِ الْحُرِّيَّةَ وَفِعْلِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ فِي الْحَالِ فَتَعَلَّقَ الْفِدَاءُ بِذِمَّتِهِ. (وَيَرْجِعُ زَوْجٌ) حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا (بِفِدَاءٍ) غَرِمَهُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ إنْ كَانَ الْغَارُّ لَهُ أَجْنَبِيًّا، قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ حَتَّى يَغْرَمَ، لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَمَرَ إنْسَانٌ عَبْدًا بِإِتْلَافِ مَالِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ مَغْرًا لَهُ بِأَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَأَغْرَمَهُ مَالِكُهُ قِيمَتَهُ؛ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْغَارِّ (بـِ) الْمَهْرِ (الْمُسَمَّى) أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرِّ (عَلَى مَنْ غَرَّهُ إنْ كَانَ) الْغَارُّ لَهُ (أَجْنَبِيًّا)؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ لَهُ سَلَامَةَ الْوَطْءِ، كَمَا ضَمِنَ لَهُ سَلَامَةَ الْوَلَدِ فَكَمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ كَذَلِكَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ، وَكَذَلِكَ أُجْرَةُ انْتِفَاعِهِ بِهَا إنْ غَرِمَهَا (وَإِنْ كَانَ) الْغَارُّ لِلزَّوْجِ (سَيِّدُهَا، وَلَمْ تُعْتَقْ بِذَلِكَ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ التَّغْرِيرُ بِلَفْظٍ تَحْصُلُ بِهِ الْحُرِّيَّةُ (أَوْ) كَانَ لِلزَّوْجِ (إيَّاهَا) أَيْ: الزَّوْجَةُ نَفْسُهَا (وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ، فَلَا مَهْرَ لَهُ) أَيْ: لِسَيِّدِهَا إذَا كَانَ هُوَ الْغَارُّ؛ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي أَنْ يَجِبَ لَهُ مَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ (وَلَا) مَهْرَ (لَهَا) أَيْ: الْمُكَاتَبَةِ إنْ كَانَتْ هِيَ الْغَارَّةَ (وَوَلَدُهَا) أَيْ: الْمُكَاتَبَةِ مِنْ زَوْجٍ غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا (مُكَاتَبٌ) لَوْ لَا التَّغْرِيرُ تَبَعًا لَهَا (فَيَغْرَمُ أَبُوهُ قِيمَتَهُ لَهَا إنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ الْغَارَّةَ) لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهَا، وَيَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ (وَإِنْ كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (قِنًّا) أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ؛ لَمْ يَسْقُطْ مَهْرُهَا، وَيَغْرَمُهُ الزَّوْجُ، وَفِدَاءُ وَلَدِهَا لِسَيِّدِهَا، وَيُقَوَّمُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدِ كَأَنَّهُ قِنٌّ؛ (وَتَعَلَّقَ) مَا غَرِمَهُ لِسَيِّدِهَا (بِرَقَبَتِهَا، فَيُخَيَّرُ سَيِّدُ) هَا بَيْنَ فِدَائِهَا بِقِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِمَّا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا، أَوْ يُسَلِّمُهَا إنْ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ، فَإِنْ اخْتَارَ فِدَاءَهَا بِقِيمَتِهَا؛ سَقَطَ قَدْرُهَا عَنْ الزَّوْجِ مِمَّا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إيجَابِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ، وَإِنْ اخْتَارَ تَسْلِيمَهَا سَلَّمَهَا وَأَخَذَ مَالَهُ، وَإِنْ كَانَ الْغُرُورُ مِنْ الْأَمَةِ وَمِنْ وَكِيلِهَا؛ فَالضَّمَانُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَالشَّرِيكَيْنِ فِي الْجِنَايَةِ، وَتَعَلَّقَ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا بِرَقَبَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا) إذَا غَرَّتْ زَوْجَهَا بِحُرِّيَّتِهَا (يَجِبُ لَهَا الْبَعْضُ) مِنْ مَهْرِهَا بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهَا (وَيَسْقُطُ مَا وَجَبَ لَهَا)، لِمَا تَقَدَّمَ، وَيَجِبُ بَاقِيهِ لِمَالِك الْبَقِيَّةِ، وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا، فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهَا كَكَامِلَةِ الرِّقِّ (وَوَلَدُهَا) أَيْ: الْمُعْتَقُ بَعْضُهَا (يَغْرَمُ أَبُوهُ قَدْرَ رِقِّهِ) مِنْ قِيمَتِهِ (لِأَنَّهُ مُبَعَّضٌ كَهِيَ) أَيْ: كَامِلَةٍ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ؛ لِأَنَّ بَاقِيَهُ حُرٌّ بِحُرِّيَّةِ أُمِّهِ، لَا بِاعْتِقَادِ الزَّوْجِ حُرِّيَّتَهُ (وَيَثْبُتُ كَوْنُهَا أَمَةً بِبَيِّنَةٍ) فَقَطْ لَا بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَ(لَا) يَثْبُتُ كَوْنُهَا أَمَةً (بِإِقْرَارِهَا) لِإِنْسَانٍ بِالرِّقِّ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَى زَوْجِهَا نَصًّا، لِأَنَّ إقْرَارَهَا يُزِيلُ النِّكَاحَ عَنْهَا، وَيُثْبِتُ حَقًّا عَلَى غَيْرِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِمَالٍ عَلَى غَيْرِهَا. (وَلِمُسْتَحِقٍّ غَرِمَ) مِنْ سَيِّدٍ وَزَوْجَةٍ مُكَاتَبَةٍ وَمُبَعَّضَةٍ (مُطَالَبَةُ) كُلٍّ مِنْ (زَوْجٍ وَغَارٍّ ابْتِدَاءً) أَمَّا الزَّوْجُ فَلِأَنَّهُ هُوَ الْمُتْلِفُ فَإِذَا طُولِبَ فَغَرِمَ؛ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَارِّ، وَأَمَّا الْغَارُّ، فَإِنَّهُ لَمَّا تَسَبَّبَ بِمَا يُوجِبُ غُرْمًا سَاغَ، لِمُسْتَحِقِّ الْفِدَاءِ وَالْمَهْرِ مُطَالَبَتُهُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطَالِبَهُ الزَّوْجُ؛ لِاسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ بِتَغْرِيرِهِ الزَّوْجَ (وَالْغَارُّ مَنْ عَلِمَ رِقَّهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ أَوْ رِقَّ بَعْضِهَا (فَأَبْهَمَهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ) بَلْ أَتَى بِقَرَائِنَ مُوَهِّمَةً لِلزَّوْجِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ حُرِّيَّتَهَا فَيَنْكِحُهَا عَلَى ذَلِكَ وَيَرْغَبُ فِيهَا وَيُصْدِقُهَا صَدَاقَ الْحَرَائِرِ. (وَيَتَّجِهُ): أَنَّ الْإِبْهَامَ وَعَدَمَ الْبَيَانِ يَتَأَتَّى غَالِبًا (مِمَّنْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي النِّكَاحِ) كَوَلِيِّ الزَّوْجَةِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ الزَّوْجَةِ نَفْسِهَا، وَقَدْ يَتَأَتَّى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَعَلَى كُلٍّ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَارِّ؛ لِأَنَّهُ كَتَمَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بَيَانُهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَمَنْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ، أَوْ تَظُنُّهُ حُرًّا؛ فَبَانَ قِنًّا؛ فَلَهَا الْخِيَارُ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ نَصًّا، أَمَّا الْحُرَّةُ فَلِأَنَّهَا إذَا مَلَكَتْ الْفَسْخَ لِلْحُرِّيَّةِ الطَّارِئَةِ فَلِلسَّابِقَةِ أَوْلَى، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلِأَنَّهَا مَغْرُورَةٌ بِحُرِّيَّةِ مَنْ لَيْسَ بِحُرٍّ، أَشْبَهَتْ الْحُرَّةَ وَالْعَبْدَ الْمَغْرُورَ، وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ النِّكَاحِ، لِأَنَّ اخْتِلَافَ الصِّفَاتِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ؛ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ، وَهَذَا إذَا كَمُلَتْ شُرُوطُ النِّكَاحِ، وَكَانَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْحُرَّةُ الْإِمْضَاءَ فَلِأَوْلِيَائِهَا الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا، لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَإِنْ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ فَلَهَا ذَلِكَ (بِلَا حُكْمِ) حَاكِمٍ، كَمَا لَوْ كَانَتْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ، وَإِنْ غَرَّهَا بِنَسَبٍ فَبَانَ دُونَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ مُخِلًّا بِالْكَفَاءَةِ بِأَنْ غَرَّهَا بِأَنَّهُ عَرَبِيٌّ، فَبَانَ عَجَمِيًّا؛ فَلَهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ لَمْ يُخِلَّ ذَلِكَ بِالْكَفَاءَةِ؛ فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَتْهُ فَقِيهًا، فَبَانَ بِخِلَافِهِ. (وَإِنْ شَرَطَتْ) زَوْجَةٌ فِي زَوْجٍ (صِفَةً) غَيْرَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ مِمَّا لَا تُعْتَبَرُ (فِي الْكَفَاءَةِ) كَكَوْنِهِ جَمِيلًا أَوْ نَسِيبًا أَوْ عَفِيفًا وَنَحْوَهُ (فَبَانَ أَقَلَّ) مِنْهَا (فَلَا فَسْخَ لَهَا)، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ؛ أَشْبَهَ شَرْطَهَا طُولَهُ أَوْ قِصَرَهُ (إلَّا بِشَرْطِ حُرِّيَّةٍ) أَيْ: إذَا اشْتَرَطَتْهُ حُرًّا، فَبَانَ عَبْدًا، فَلَهَا الْفَسْخُ كَمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً وَعَتَقَتْ تَحْتَهُ فَهَاهُنَا أَوْلَى (وَنَحْوُهَا) كَشَرْطِهَا فِيهِ صِفَةً يُخِلُّ فَقْدُهَا بِالْكَفَاءَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. تَتِمَّةٌ: وَكُلُّ مَوْضِعٍ حُكِمَ فِيهِ بِفَسَادِ الْعَقْدِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا مَهْرَ، وَبَعْدَهُ، فَلَهَا الْمُسَمَّى قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ فُسِخَ فِيهِ النِّكَاحُ مَعَ صِحَّتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا، لِحُصُولِ الْفَسْخِ مِنْهَا أَوْ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا، وَبَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ الْخَلْوَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُقَرِّرُهُ، يَجِبُ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ لِتَقَرُّرِهِ، وَلِأَنَّهُ فَسْخٌ طَرَأَ عَلَى نِكَاحٍ، فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ.
|